بقلم : عمر الفاروق عبدالله يوسف
قيل أن ” كل شئ زاد عن حده إنقلب ضده ” هي الزيادة عن كل الحدود المنطقية، والذي يبلغ مرحلة الإكتفاء دائماً ما يفكر في الإستغناء، ومن يصل مرحلة الشبع ترك الطعام و رماه، ومن أشبع رغباته وشهواته فقد الرغبة في جميع ملذاته، فالسواد ضد البياض و الليل ضد النهار إذا جاء هذا ذهب ذاك، فهذا ضدُ واضح يصعب اجتماعه، ولكن ماذا عن الضد والاجتماع الذي نصنعه نحن ؟
إذن قد يختلف الحديث عن الضد واجتماعه مع الضد واختلافه أيضا، لذلك تبقى للضد حكاية، فعبارة ان الموسيقى أصدق من الكلام جعلت من الإختلاف بينهما نٍداً، فكان لإجتماع الصوت العذب مع لحن الموسيقى معنى أخر جعل من ذلك الصوت مغني رائع جمع الكلمات مع الموسيقى ودوزنها بأوتار السلام فكان نغما جميلا وصوتاً عذباً جمع الضد والضد معاً لتخرج لغة الكلام ملحنة في بوح خاص و سر إبداعي خص به كل أذان ظلت مؤمنة أن للضد حكاية مفادها الفكر والإبداع.
وللحقيقة لون خليط من حب وجمال، ولحن موسيقى كذلك موزونة الأوتار تحمل في طياتها كل الأشعار، فما يتناسب مع الحقيقة لحناً سوى صوت الفراشات الأنيقة و زقزقة العصافير المثيرة في كل صباح تشرق فيه شمس الحرية تنادي أن هلموا نحو فيض الأمنيات وأسرعوا فما عاد للباب مفرق لدخول المتشائمات، فالحقيقة تظل نداَ لغيرها في كل شيْ كذبا غير ات.
كما للشعر قلمُ جميل ،يكتب عن فصول الصدق أجمل قصيدة، و يروي قصة من حروف العطر المعتق بالجمال، ويزخرفها كأزهار الحديقة، لتظهر في أروع ما يكون وتطل في أبهى صورة، او كالبستان الذي ينضج ويثمر بكل ما في الكون من فاكهة جميلة وينبت شجراً ظلاله وريفة، مبينة أن الجمال وحده من يجمع بين الأشياء الجميلة، حتى وإن كانت متباعدة فيجد لها الطريقة، فلا يجمع الشعر والأزهار والثمار جمالا سوى الحقيقة.
وللطريق رواية قد تحكي بعض من احجية الزمان ” زمن الدنيا بخيرها ” والبشاشة في الوجوه لا ترى وجهاً عبوس، فالبساطة هي السائدة ولا يوجد للمعاناة صديق ولا رفيق رغم فقر الجميع، ولكن هم أناس قرروا واختاروا البساطة عنوان لهم والالفة والمودة تفاصيل حياة عاشها الغني والفقير معاً فأكدوا أن للضد حكاية عنوانها أن الخير باقِ ما دام للبشرية حياة.
والذين ناموا على صخور الأرض ولم يجدوا فراش ولا غطاء ولا كساء من عراء، وتقاسموه فتات خبز صغر حجمه كلما زاد في العمر حياة، فقرروا أن يسلكوا درب الكفاف وغضوا الأبصار عن فتات الدنيا، ورغم كدح العيش لم يتركوا للبغض والحسد بينهم وبين الآخرين فناء، ولم يفتحوا للحقد باب طرقه الجاهلون بفكرهم ودخله من يعانون أمراض القلوب وضعف النفوس فخلق اجتماع الضد حياة كريمة يتوسدها الرخاء.
وقيل أن المعاناة تولد الإبداع، والإبداع بحر شاطئه يسع كل من اراد الارتواء، فيبرز للعين صورة من جمال الطبيعة تغسل أحزان الحياة، لتحول دموع العين فرحاً تسقي به الأرض اليابسة اليائسة حتى يشع نورها ويظهر للناس بريقها، فيولد الإبداع من رحم المعاناة ضارباً مثالاً أخر في حكاية الضد واجتماعه، فتجاوز الصعاب، وتحدي المحن، وتكرار المحاولات، وكل ما يمر به المرء من عقبات كفيلة بأن تعطي للنفس درسا أن من أراد تحقيق الأماني فلا بد أن يعاني.
والنيل إرث قديم، و سراج يضيء مشارق الأرض القديمة إنتهاء عند مغربها، في إشارة لعظمة التاريخ وطول الزمان وحضارة المكان التي تظل أحرفها عميقة، لا تتأثر بمرور السنوات ولا بإنتهاء الأجيال، بل تزيدها السنوات حاضراً جديدا كما للذهب بريقه، جديده وقديمه.
و الفصول تمر صيفاً، و شتاءا، تتبادل الأدوار مع خريف يأتي زائراً كل عام فيستأذن السماء ويجمع الغيوم ليمطر ماءا ينظف به الأرض ويطهرها، وينبت فيها الزرع ويجملها، ثم يأتي الشتاء ببرده القارس لتتجمد فيه الأحاسيس، و تتجمع فيه قسوة البرد مع دفأ الحنين، تجمع يحمل للضد حكاية أخرى.
ثم خريفاً يأتي فينبت الإحساس معه من جديد، ويغرق الشوق فيه صارخاً طالب النجدة في موسم الشوق الحلو، ثم تأتي عصافير الخريف تزقزق في الحديقة كل صباح معلنة قدوم الربيع الحاضر الغائب دائماً، فتتنسم الأزهار ومعها قطرات الندى، في مشهد أقرب للحلم من الحقيقة ليبقى الفرق بين الحلم والحقيقة انهما ضدُ جمعتهم الأفكار في الصحو وفي المنام، فتلك أفكار و أمنيات يمكن تحقيقها، والبعض الآخر منها يظل شتات أفكار، كما تظل للضد حكاية نحن من نكتب تفاصيلها ونختار بدايتها ونحسن نهايتها.
12 تعليقات
حقا راقني كل شيء في هذا المقال …كلمات وجمل اصوات رغم سكون الكلمات ومعاني مبهرة ????????
كلام جميل و إيجابي على نفوسنا وله أثر بالغ في حياتنا
نشكرك على رأيك الجميل
????????????????????????
أبددددعت ????
مفهوم الضد هو إظهار الأشياء…. لو لم نرى الشر ما تذوقنا حلاوة الخير….. لو لم يخيفنا الظلام والغموض لما تذوقنا بهجة النور…. ما قبل كرونا كنا نتضايق من رهق الحياة والدوامات والروتين القاتل بين العمل والبيت… الان صارت أقصى احلامنا ان تعود الحياة بنفس الرهق والتعب وأن ترجع الحياة الطبيعية
تعليقك جمييل
( للضد حكاية عنوانها ان الخير باق ما دام للبشرية حياة )
ما آحلى الوصف حقيقه نعيش واقعها ونغوص في بحر كلماتك الرائعه جميل ما خطته يداك دامت لك متعه الكتابه وصداقه الكتب سلمت الإنامل .
وعودآ حميدا.
“للطريق رواية قد تحكي بعض من احجية الزمان”
ابداااااااع
جميل تعليقك
مقال جميل جدا
الضد و اختلافه و حكاية الضد احيانا تصل مرحلة التناقض اذا لم نتحكم في شعورنا و مفاهمينا و نكن صادقين مع انفسنا اولا تجاه الاشياء و المواقف حولنا ????
مقال جميل ????
تعليق جميل