منذ توليه لوزارة الصحة ، واجهت الدكتور أكرم مشاكل لا حصر لها و تحديات جمة ، تقبلها الرجل و خاض غمارها مصطحباً بذلك كل أطياف المجتمع في حملة توعية و شفافية و قرارات حاسمة.
و لأول مرة تجد أن السودانيين يتحدثون في الشأن الصحي كأولويات ، ويرون معالجات و لو بسيطة ، و وزير مسؤول تماما عن أداء وظيفته.
لكن أكرم الذي اختار خوض معاركه مبكرا بعد أن واجهته الكوليرا بالنيل الأزرق و الحمى النزفية بالشرق.
فقد شرع في تفكيك فلول النظام من كافة مفاصل وزارته على مستوى السودان ، و واصل حمل حقيبة ظهره الشهيرة متجولاً بين ولايات السودان و أينما كانت هنالك حوجة له.
فكان أول صدام له مع مصدري الماشية حين أعلن و منع تصدير اللحوم مؤقتاً ؛ من هنا بدأ هجوماً خفياً على أكرم و وصفوه بعدم المسؤولية ، يل و التسبب في الإضرار بالناتج القومي.
و لكنه استمر في عمله لتواجهه مشكلة اخرى …
مشكلة مع عدو خفي ظل يمتص دماء السودانيين …
مافيا الأدوية و التي قاتل الوزير في محاولة تثبيت التسعيرة القديمة للدواء و تقريع وزارة المالية ، حتى تكبح جماح الدولار الصاعد ، فوجدت هذه المافيا ضالتها في أعداء الوزير و قامت هي أيضا بحملة مستمرة زادت من كثرة اعدائه حتى كانت الضربة القاصمة في انتشار وباء فيروس كورونا و الذي عجزت دول كبرى مثل الولايات المتحدة في التعامل معه و يكاد يطيح برئيسها من منصبه ، بينما تهاوى النظام الصحي الإيطالي و الإسباني كبيت من الورق.
أكرم الذي كان كعادته واضحاً مع الشعب حين قال مقولته الشهيرة و خيرهم بين الإلتزام بالحجر الصحي أو الموت على يد الفيروس المستجد.
فقد أخذ الشعب حديثه على محمل الجد ، و تحمل الحجر الصحي و حظر التجوال الذي امتد شهوراً في ظل تهاون المؤسسة العسكرية و الأمنية في تنفيذه.
بجانب تفاقم مشكلة العالقين بالخارج ، و التي هي من صميم عمل وزارة الخارجية ، إلا أن سهام التوبيخ و التقصير وجهت تجاهه دون وجه حق.
و لم يكن يمضي يوماً دون ان تصبح الدنيا على سيرة أكرم ووصفه بالمسؤول عن كل كوارث الدنيا ، و الرجل صامت و يعمل رغم مرضه.
و يخوض صراعاته مع العسكر و حلفائهم ، و لا ننسى تلك الفضيحة التي فجرها الكباشي في صفحة مجلس السيادة الإنتقالي والتي أكد فيها اتفاق الحكومة على إقالته.
و بينما استمرت الأحوال على نفس النحو و النهج خرجت مليونية ٣٠ من يونيو في مخالفة صريحة لتوجيهات الوزير ، و مباركة تجمع المهنيين لها و الحكومة.
فكانت الإقالة الغريبة للدكتور اكرم ، وا لتي لم يحاول حتى أن يشرح ما حدث من خباياها رغم معرفتنا بذلك.
واليوم و قد فرغت الأسواق من الدواء و زاد سعره ، و تضاعف أعداد الإصابات بالفيروس ، ولم تقم وزارة الخارجية بحل مشكلة السودانيين بالخارج.
لكن فجأة إختفت كل اصوات المطالبين بعودة العالقين ، و الصياح و الهياج حول انعدام الدواء ، و التذمر من طول مدة الحجر ، و قد اضطرت لجنة الطوارئ لتمديده اسبوعين اخرين كما اوصى الوزير المقال مما يضعنا امام حقيقة لا تقبل الجدل أن أكرم قد اخطأ في بدء معركته مبكراً ، و قد خسر السودان واحد من ابنائه المخلصين ، الكثر ، والذين اضطرتهم الظروف وضعف الحكومة للإبتعاد عن العمل العام.
و أن مقولة لا كرامة لنبي في قومه ، أصبحت ” لا كرامة لأكرم في قومه “
فأي فتى خسرنا ؟