المشهد واحد لكن تختلف النظرة، فمنا من ينظر للكيس الطائر كشيء فارغ تائه في الهواء مثير للشفقة، ومنا من يراه يطير بحرية مُطلقة خفيف وسعيد ويتمنى أن يجد هذه المساحة من الراحة والحرية في حياته الشخصية.
إن نظرتنا للأشياء تختلف حسب حالتنا النفسية وصفائنا الذهني، وذلك يعتمد على الطريقة التي نتبعها لإدارة عقولنا ومشاعرنا والوعي بها.
قد لا نكون أذكياء كما نعتقد للقيام بهذه المَهمة؛ رغم يقيننا الدائم بأننا وحدنا من يعرف جميع مداخل ومخارج تفكيرنا ومشاعرنا، لكن قد يكون الحال على النقيض تماماً فهناك حكمة تقول: إن الله حين وزع الأرزاق لم يرض إنسان برزقه، لكن حين وزع العقول رضي كُل إنسان بعقله.
وهذه المقولة تبدو واقعية جداً لأنه ما من إنسان إلا وأخذ مقلب في نفسه حين إعتقد أنه على صواب دائماً، وأنه إذا كان الأمر بيده لفعل كذا وكذا وأصلح مشاكل الأمة في لحظات.
هذا ما نلاحظه في أغلب مجتمعاتنا؛ حالة من الألمعية في وصف الذات والغرور المركب الذي لا يمُت للواقع بصلة، لأن ما نراه في بلداننا العربية يشرح العلاقة المعقدة بين العقل والقلب، الوهم والمنطق والخيال والواقع، فإن كنا قد أحسنا التعامل مع عقولنا ما كان ليكون هذا حالنا.
ميالون للأسى رغم أننا ننشد الفرحة، ميالون للحزن رغم سعينا للسعادة، نغوص في الهموم في وقت نحتاج فيه لحلها، نكرر الأخطاء بدلاً عن تجنبها، نسعى ونهدف لحياة مستقرة دون أن نضع خطة توصلنا إلى ما نطمح إليه.
وفي نهاية المطاف نقف مستنكرين لأسباب الفوضى حولنا، ونستمر في النظر إلى الجانب المظلم وحظوظنا التعيسة، دون أن نلقي باللوم على أنفسنا وطريقة تفكيرنا وأسلوب حياتنا، في حين أننا قادرون ببساطة على أن نطوع عقولنا لننتقي الجانب المشرق في كل مواقف وتفاصيل حياتنا متمسكين بخيوط الضوء التي ستدلنا إلى حالة من الصفاء النفسي والذهني، مما سيؤهلنا لإدارة عقولنا ومشاعرنا وطبيعة نظرنا لكل ماحولنا بشكل سليم.
501
المقال السابق