تعد كاتدرائية فرص من أميز الكنائس الموجودة بالسودان ويرجع الفضل في ذلك إلى الإكتشافات الحديثة 1960م -1964م من قِبل المركز البولندي لآثار منطقة البحر الأبيض المتوسط (جامعة وارسو) وعثرت الحفريات في ربوة فرص على كنيسة ذات خمس ممرات ومبانٍ مسيحية قديمة مدفونة تحت الرمال محتفظةً بكل رسوماتها وجدرانها وجمالها الداخلي و ربما ساعدتها في ذلك العواصف الرملية التي إحتضنتها تحته وقد اطلق علي تلك الكنيسة ذوات الخمس ممرات (بالكاتدرائية) أي الكنيسة التي فيها كرسي الأسقف كما تم إكتشاف اخر أسفل الكاتدرائية وهي عبارة عن مبني مشيد من الحجر وأطلق عليه فيما بعد بالقصر.
وتعتبر كاتدرائية فرس من أقدم الكنائس إذ تم بناءها بعد إعتناق الملك النوبي للمسيحية ولكن لا يمكن الجزم بأنها أول كنيسة فقد سبقتها كنيسة الطين ويبدو أنها أُنشئت قبل إعتناق النوبيين للديانة المسيحية وقبل وصول القس يوليانوس إلى تلك الأراضي.
الجدير بالذكر أن هذه الكنيسة (كنيسة الطين) تم هدمها وشيدوا قصراً في نفس موقعها كما تم انشاء كاتدرائية جديدة على نفس خريطة القصر المهجور بثلاث أصحن و أطلقوا عليها كاتدرائية الممرات الثلاث.
على جدران كاتدرائية فرس توجد رسومات صورة مطران تحت حماية السيد المسيح كما أن هنالك أجزاء من صور أخرى أبرزها صورة السيدة العذراء وبرغم أنها في حالة يرثي عليها إلا أنها لا زالت تحمل تحتها جملة بلغة يونانية واضحه مفادها ( يا مريم العذراء والدة الله ) وعبارة أخرى تقول ( أيها السيد يسوع إمنح قوة وبركة لخادمك الشماس في باخوس ) باخوس أي فرس الحالية .
تعتبر الكاتدرائية من أهم الاكتشافات في الفترة المسيحية وتحتضن عدد كبير من اللوحات المعقدة على جدرانها ،هذه اللوحات هي أفضل أمثلة باقية على الفن النوبي المسيحي وتصور عدد من المشاهد الشهيرة في الكتاب المقدس و يبدو أن جُلّ الرسومات مستلهمة من الكتاب المقدس ، وقد أسفرت النتائج أیضاً من خلال الوصف و التحلیل لـ(عینات الدراسة) إلى أن الفنانین الجداریین النوبیین في فترة المسیحیة بالسودان قد إستلهموا معظم أعمالهم من الكتاب المقدس، فن البناء أو التصمیم الفني، خاصة في التصمیمات الداخلیة للمعابد والمدافن و البیوت والقصور، ومازالت هذه الآثار قائمة إلى يومنا هذا لدى النوبيين كما أن هناك أثر واضح لإنتاج جداریات تحمل طابعاً سودانیاً خالصاً، وقد وضح ذلك من خلال وصف و تحلیل بعض عینات تلك الفترة وقیاسها على الجداریات القبطیة.
بالإضافة إلى ذلك فقد عُثِر على أعمال فخارية هامة و رسومات ولوحات لمختلف ملوك و أساقفة فرس ،هذه اللوحات تم إنقاذها وهي معروضة الآن في وارسو و الخرطوم.
قد وجد على جدران كاتدرائية فرس رسوم ملونة تبلغ 169 رسماً لأيقونات جميلة رُسمت على الحوائط، وتجلىّ فيها إبداع الفنان النوبي الذى كان له صفاته المميزة مع الإلتزام بالوضع الكنسى الموجود فى الكنيسة القبطية، بوضع كل صورة فى مكان محدد لها ، وفى فرس عثر على لوحات الأربعة عشر أسقفاً ولوحات الملوك ومئات من المخطوطات والرسوم التصويرية شاملة لقائمة من سبعة وعشرون أسقفاً شغلوا كرسى فرس ورغم إن إيبارشيات النوبة لم نعرف عددها ولكن ذكر القس منسى يوحنا : إنه كان بالنوبة سبعة عشر إبروشية أيام أن كان أهلها يدينون بالمسيحية.
في العام 707 م قام باولوس وهو خامس أسقف في فرس بتجديد وبناء المكان المقدس وتوسيع كاتدرائية الممرات الثلاث وأصبحت ذات خمس ممرات مقتبساً نموذج كاتدرائية دنقلا العجوز بعد أن دمرها الساسانيون إثر هجومهم على مصر والنوبة سنة 616 م وما يميز الكاتدرائية الجديدة الرسومات الجدارية والزينة وطقوس العبادة التي تعبر عن مناظر دينية مهمة أما القديمة فكانت نقوش ونحت (سميت فيما بعد بإسم كاتدرائية باولوس) وتم تدشينها في عهد الملك ميركوريوس ملك دنقلا خلال حكم مركوس ممثل الملك أبرخص.
تقسيم الرسومات :
تم تقسيم الرسومات حسب العالم مشاتوسكي إلى 4 وهي
البنفسج الغامق /الأبيض / الأصفر-الأحمر/تعدد الألوان، بينما العالم ويتسمان قسمها إلي ثلاث فقط وهي :
البنفسج الغامق / الأبيض/ تعدد الألوان.
ومن ناحية اخري قسمت إلي مبكرة / تقليدية /مرحلة متأخرة بحسب القرون.
تميزت كل مرحلة عن الآخر فبعض الرسومات توحي بأنها قبطية كإستخدام اللون البنفسج يمثل فن قبطي تقليدي ، طريقة رسم العيون والأنف في رسومات الملائكة والقديسين تعبر عن خاصية محلية ، كذلك تأثرت الأيقونات التي جاء بها الحجاج من أورشليم ذو طابع بيزنطي.
من امثلة الرسومات :
صورة الميلاد / صورة السيد المسيح علي العرش / صورة الشرقية / صورة بطرس الرسول ويوحنا الأنجيلي /
صورة السيد العذراء تحمل الطفل يسوع /صورة الملاك ميخائيل / القديسة حنا/أغناطيوس أسقف أنطاكيه/ يوحنا ذهبي الفم .
أسماء الأساقفة السبعة الأوائل الذين تعاقبوا علي علي كرسي الكاتدرائية :
سيرابيون : معلوماته غير متوفرة
تامر : معلوماته غير متوفرة
بيلاطس : معلوماته غير متوفرة
أبا : وهو رئيس لأحد الأديرة وهو الذي عمل علي توسعة الكاتدرائية من ثلاث إلي خمس ممرات كما قام أيضا بتشييد عدة مباني فرعية أهم حدث إبان توليه تحويل ولاء أسقف فرس الي بطريرك الاسكندرية القبطي.
(شهدت مناطق النوبة صراعات بين المذهبين المونوفيزي (اليعقوبي) والملكاني (الملكي الأورثوذكسي) الآخيرة حملة تبشيرية قام بها الإمبراطور جستنيان الأول بينما الأولي قامت بها زوجته الإمبراطورة ثيودورا، في حلقة قادمة سنتحدث بإستفاضة عن توضيح المذهبين اليعقوبي والملكاني وسبب إطلاق الملكانين إسم اليعاقبة للمونزفيزيين اللاخلقيدونيين
)
بيلاتوس : ظل مهيمنا 40 عاما علي المقر الأسقفي وربما هو من شيد الكنيسه العظمي .
ميناس : ينحدر من أصل نوبي ما يبدو من صورته في الكاتدرائية.
متاؤس : إعتلي الكرسي الأسقفي منتصف القرن الثامن الميلادي إستمر حتي عام 776 عرف تاريخ وفاته من النصب التذكاري الذي وجد علي قبره.