بعيداً عن ضجيج السياسة وضيق الاقتصاد، و رهق الحياة وفساد الأخلاق، دائماً ما أحاول البحث عن حديث يُخرج الناس من ساقية المتاعب والهموم، التي ظلت تدور بنا وبهم لسنوات، لتبقى كل الصعوبات في إخراج النفس من دائرة الحياة السلبية التي تعيشُها، إلى براح الإيجابية التي يبحث عنها الجميع، وتبقى المُعطيات بعيدة كل البُعد عن ما يبحث عنه الناس، فكانت كالجدار الذي اصطدمت به الأفكار.. فماتت قبل نموها، وكانت هي المحطة الأولى والأخيرة التي توقف فيها قطار الحياة بعد عجزه عن التقدم.
يبقى البحث عن حديث يُخاطب الأحداث ويداوي الجراح أشبه بالحلم السعيد في ظل كابوسً مُخيف يشهده الواقع المعيش، ولكن هي الحياة بزحمتها، و زخمها وزُخرفها، و إختلاف الحياة فيها، لأن داخل كل حياة.. توجد حياة أخرى.. باختلاف تفاصيلها، حتى شوارعها تبقى دائماً مُغلقة وتحت التشييد، ونحن نعمل جاهدين لتشييد طريق واحد يسير فيه الجميع دون تخبط، ولكن بلا جدوى، فقط هو طريق الحياة الذي من صنع أيدينا والذي نسير فيه (مُجبرين لا أبطال).
تظل هي الحياة بمُجرياتها المليئة بالتفاصيل المختلفة، والتي مهما بلغنا من السعادة فيها نجد أن النقص فينا، ودائماً ما نطلب المزيد.
علينا أن نتأملها و نأخذ ونستثمر في ما يُناسبنا منها في أسلوب حياتنا، فإن نجحنا قلنا الحمدلله.. كي لا نُبالغ في الفرح، ولكن لا يجب علينا أن نُبالغ في التفاؤل، لأنه في حال فشلنا سيزيد التشاؤم والشعور بالفشل والإحباط.
جزءً من فلسفة الحياة أنه عندما نفكر في الفشل، فإنه يصبح صديقنا الدائم والهاجس الأكبر لنا في كل شيء، فلن يتغير شيء، وكل ما نحتاج إليه هو أننا نرغب في تحقيق شئ جميل ومفيد لنا، لذلك يجب علينا أن نتقدم ببساطة لفعله، فلا نفكر في الفشل لأن ما نفكر فيه يتحقق، وكما نقول دائماً (نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا).
قد نقسو كثيراً على الحياة، ونشتم حظنا في الدنيا مراراً وتكراراً، وننعي الزمان (بالغدار) الظلموا ما بندار، والدنيا (بالخيانة) و (الظلم)، ولكن نحن من نصنع الحياة التي نُريد، ونحن من نصنع الظروف ونعيشها، ونحن من خالطنا الأيام الشعور فأصبحنا نراها مُسرعة تجري دون إنتظار، ونحن من غدرنا ببعضنا البعض و شهدنا على الزمان (زوراً) أنه هو من غدر بنا، فصفة الغدر فينا ليست في الزمان، وفقط نحن من نخون ونظلم، فالدنيا أشرف من أن تتجاهل وتنسى، وتخون وتقسى.
قد تكون مجرد قراءات وأفكار أو مجرد عبارات، تُعبر عن خُلاصة تجارب أشخاص ناجحين (فاتوا الناس مسافة) فأُطلق عليهم لقب (فلاسفة وعلماء)، ولكن يمكننا أن نستبدل الكلمات ونقدم الجمل والحروف، ونصنع فلسفة في المعنى غير فلسفة المضمون، وهذا إن دل فإنما يُدل على أن الأسرار تظل أكثر عمقاً مهما كان البوح بها جميلاً و ممتعاً، و أن تصورنا للأشياء لا يخرج من إطار معرفتنا بالشئ نفسه، فالخيال لا يُجيد التصور في كل الأحوال.
ورقة أخيرة
علينا أن نتخلى عن لومنا الدائم للدنيا والزمان، و نلتفت لأنفسنا وحياتنا التي تحتاج إلى كثير من الترتيب والتنظيم، و أن نعيش لأنفسنا ببساطة الواقع المُتاح تاركين لمن يجهل ذلك (فلسفة الحياة).
2 تعليقات