عمك تنقو حاجة عجيبة (صبيان الزمن الجميل)

عمك تنقو شخصية فكاهية عرفها الجميع فى “مجلة الصبيان” وذلك بمعالجتها للقضايا الاجتماعية فى صورة شعرية ساخرة، وقد يجهل الكثيرون من الجيل الحالى أن “عمك تنقو” شخصية حقيقية تحولت الى أسطورة بعد أن ذاع صيتها فى “مجلة الصبيان” عام 1946م.   دائما ما ترتبط ذكريات طفولتنا بمسلسلات كرتونية وقصص الأطفال عبر المجلات الورقية والتلفزيونية ، وكانت “مجلة الصبيان” عالمنا البهي الرائع والمعلم والمربي لشباب المستقبل السوداني والتي تعتبر بالنسبة لنا تشبع ثقافي متكامل بالنسبة لفئة الأطفال.

جاءت فكرة مجلة الصبيان بعد تأسيس مكتب النشر عام 1946 بمعهد التربية ببخت الرضا ، وتم تكوين فريق عمل متخصص بقيادة الأستاذ عوض ساتي من مدرسة وادي سيدنا وهي مجلة تصفها المراجع بأنها الأولى من نوعها في العالمين العربي والإفريقي وربما في جزء واسع من العالم وكان تبويبها مدهشاً وموضوعاتها تسحر التلاميذ والكبار من حيث ربط المعارف بالبيئة السودانية، مع رشاقة وخفة دم واهتمام كبير بالعلوم والمستجدات والابتكارات ومتابعة الظواهر الاجتماعية والعناية بالمعارف الجغرافية والتاريخية والتربوية وحاصلات البلاد ورموزها وتم إصدار عدة سلاسل منها: “سلسلة الأساطير، وحياتنا اليومية، وسلسلة الحياة من الخارج، وسلسلة المشاهير”.

وفي ديسمبر من العام 1946م تبلورت فكرة إصدار مجلة الصبيان وصدر العدد الأول في مارس 1947م وظلت تصدر أسبوعيا لفترة طويلة ، ولكن من كان معه في دار النشر؟ أنهم رجال من الوزن الثقيل: جمال محمد أحمد، وفخر الدين محمد، وبشير محمد سعيد، ومن الفنانين والرسامين إسماعيل ود الشيخ، وشرحبيل أحمد.

(الطفل ، قصص مصورة هادفة ، القصص التراثية ، المرأة والتدبير المنزلي)

علي الكردفاني (الذي يسافر في انحاء السودان والقصد تعليم الناشئة بأنحاء بلادهم) هذه المواضيع الأساسية التي كانت تستهدفها مجلة الصبيان.

عمك تنقو

ومن روائع “مجلة الصبيان” سلسلة “عمك تنقو” وهي سلسلة من قصص الأطفال الفكاهية القصيرة ومكتوبة شعراً باللهجة العامية البسيطة، كل حلقة تمثل قصة جديدة وبطل جميع هذه القصص هو ذلك الكهل الأصلع “عمك تنقو” وهذه القصص تحكي هموم عمك تنقو اليومية ومحاولاته الدؤوبة لتنفيذ رغبات زوجته “العازة” التي لم تكن ترضى بالقليل ولا تقنع بالعيشة التي تعيشها هي وزوجها.

كان يكتب أشعار هذه السلسلة الأديب ورائد أدب الأطفال السوداني “سعد قسم الله” وكان الفنان “شرحبيل أحمد” هو الذي يضع الرسوم، شخصية “عمك تنقو” التي تجمع بين الطرافة والعبرة والتطفل الذي لا يتحسّب للتبعات ولا يتوخّى للعواقب وتعريض النفس للسخرية ، وترجع شهرة عمك تنقو إلى سلسله حكاياته ومواقفه الطريفة التى تصاغ فى مقاطع شعرية بسيطة مصحوبة برسومات تعبيرية كاريكاتورية لشخصيته الفكاهية التى يحتفى بها الأطفال وهم يرددونها، ومن أشهر تلك المقاطع:

“عمك تنقو اللسه شباب…شايف روحو حلو وجذاب…يومى يبخبخ ريحة جديدة…يفكّ الشكــّة وتانى يعيدا…عمك فكر قال ماناقصو…غير شعرات سمحات فى راسو…و طبعا عمك ما بتجارى”

“عمك تنقو مره اتجنن..وقال للعازه مسافر لندن..لملم بقجو ملاها..وركب اللوري مشى الخرطوم…في السوق الشعبي قطعلو تذاكر..وقال للناس مسافر باكر..عمك قام من دغشا بدري..شايل بقجو وقايم يجري..شافوهوا الناس قايلينو حرامي..وقبضوا العم في خمسه ثواني..ساقوهوا النقطه بالشلوت..وواحد خبطو بالنبوت”

“عمك تنقو بقى صرماطي…جاه الحاج ود عبد العاطي…عمي الحاج قال لي تنقو…عايز جزمة ماركة زنقو…طبعا تنقو العم ملهوف…عملو الجزمة بالمخلوف…ود عبد العاطي بي دلدومو…لطلشلك تنقو سود يومو”

عمك تنقو من أجمل الشخصيات التي كتبت بمدد من نور في أغوار نفوسنا وعقول ومهما نسينا لن ننسى علي الإطلاق مجلة الصبيان وعمك تنقو والتي كانت من أجمل وأحلي لحظات حياتنا ونحن أطفال صغار ، ولازالت تلك المجلة خضراء زاهية لأننا فعلا تأثرنا بها وانتفعنا بها لدرجة كبيرة ، كانت لي تجربة شخصية مع شخصية عمك تنقو أثناء مشروع تخرجنا من قسم “ملتمديا” في أن نحول شخصية عمك تنقو إلى رسوم متحركة وسلسلة انميشن للعرض، ولكن للأسف لم تكتب لنا بالنجاح نسبة لتعدد الجهات التي تنسب شخصية عمك تنقو لها وصعوبة ايجاد حلول مؤقتة نسبة لضيق وقتنا في تسليم المشروع.

  • بمناسبة (أسبوع الكرتون والانمي) يمكنكم مشاهدة السلسلة عبر الروابط التالية:
  • The Garden of Wordshttps://bit.ly/2Wb7CX4

Related posts

السينما الإيرانية ما بين مطرقة ضعف الإمكانيات وسندان القيود الرقابية

قراءة في ترشيحات أوسكار 2022

مسلسل تشيرنوبل

21 تعليقات

ابوالقاسم عاشم عبدالله 2023-01-05 - 11:09 مساءً
اغلب اشعار مجلة عمك تنقو ألفها الاستاذ المربي المعلن بابكر عبدالرحمن وكان مفتشا بوزارة التربية والتعليم للأسف اغفل من ممن كتبو عن مجلة تنقو
حسام 2021-09-03 - 4:21 صباحًا
شكرا من الاعماق لأنك ذكرتني ذكريات مجلة الصبيان ومجلة العربي ومجلة ماجد اللي نحنا اتربينا عليهم من 40 سنة❤️
آلاء 2021-08-25 - 3:58 مساءً
انا بحب شخصية عمك تنقو دي شديد وسبحان الله نحنا عندنا بعد أسبوع يوم ثقافي عن ححاول أترجم المقال وأعرضو للناس مع كود QR للموقع بتاع مجلتكم حخلي امستردام كلها تخش الموقع ساااااي كده حتى لو ما فهمو عربي هههههه GoodLuck Saifooo & All the Best 4 U
صلاح 2021-08-24 - 3:07 صباحًا
لا انسي كانت تأتينا مجانا صباح كل سبت والكلام ده يا ابني مر عليه أكثر من 50 عاما ولازالت تلك المجلة خضراء زاهية طازجة أكرر طازجه هذه لأننا فعلا تأثرنا بها وانتفعنا بها لدرجة كبيره ...شكرا على الكتابة الرائعة الابن سيف الدين مواهبك متعددة استمر في التطور وما تجيده
كمال 2021-08-24 - 2:39 صباحًا
من الأشياء اللطيفه للغاية أن الاساتذه الذين كانوا بقرو لينا المجلة ويلحنون لينا الاناشيدعاشو معنا بوجدانهم لذلك كلهم أحببناهم واحببنا عمك تنقو الشخصيه التي لا يمكن ان ننساها يوما في الحياة ... بشكرك جزيل الشكر على مقال رائع جدا خلاني أعيد ذكريات مع نفسي وخلتني أقول ألا ليت الشباب يعود يوما
محمد 2021-08-24 - 2:07 صباحًا
عمك تنقو وضح فكرة وقال انا زول انا ما نكرة العلم النور السيد بكرة الفهم الوعى مافيش سكرة الخلق الدين شفيف ما عكرة عمك تنقو والصبيان مجلة ذكرى
رشيد 2021-08-23 - 10:31 مساءً
عندي سؤال واقف لي في حلقي؟ ليه نحنا عندنا مجلة من الاربعينات ما استفدنا منها ولا حاولنا نجدد للاجيال الحالية ؟
آمال 2021-08-23 - 10:28 مساءً
انت رجعتني أيام حلوة ياااخ❤️مجلة الصبيان دي كان ترفيهنا الأول لمن كنا صغار بحييك على المقال الرائع والذكريات الجميلة
علوية 2021-08-20 - 9:00 مساءً
عمك تنقو حكايتو حكاية والله😂😂😂 ليه حاجات زي دي اولادنا حاليا ما عارفنها او ماف اعادة طباعه لمجلات قديمة كانت اثراء لنا كأطفال
علي أحمد حسن 2021-08-20 - 8:57 مساءً
استمتعتا بالمقال جدا وفي شرح كافي ووافي لمجلة الصبيان ونشأتها وابرز مواضيعها وافضل اطروحاتها اللي هي عمك تنقو اساليبك في الطرح ومواضيعك كل مرة بتتنوع وبنستمتع بيها كقراء أحسنت
عبدالكريم 2021-08-20 - 8:22 مساءً
الله علي ذلك الزمن الجميل .. مجلة الصبيان كانت روحنا ومتنفسنا .. واذكر ان صور بعض زملائنا كانت تظهر بصفحة الاصدقاء .. خاصة ذلك الجميل والرائع شوقي الطريفي شيخ ادريس .. الذي يعتبر من الاصدقاء الاوفياء لهذه المجلة .. سؤال : لماذا توقفت هذه المجلة ؟؟ ولماذا توقف نبع ذلك المنبع الصافي الفنان القدير شرحبيل احمد من روائعه ومنتجاته ؟؟
حسن 2021-08-20 - 8:19 مساءً
حقيقة مقال اكثر من رائع..رجعتني ذكريات 40 سنة لورا كنا في المدرسة بنتسابق في حفظ حكاويهو وننشدها في الطابور يا سلام ذكريات كانت وما زالت
شيراز 2021-08-20 - 3:34 مساءً
انا متأكدة لو انتو كنتو عملتو مشروعكم الانميشن لعمك تنقو كنتو الآن عاملين حالة نادرة في عالم الرسوم عشان انتو مبدعين بالجد واكتر ناس بتاعين جرافيك شغالين باخلاص وحب❤️ياريت تعيدو النظر تاني في الفكرة انا متأكدة حتبدعو فيها..استمر يا سيفو❤️
سلمى 2021-08-20 - 3:30 مساءً
المقال ده رجعني زمن جميييل جدا..بجد شكرا ليك على تناول تاريخ مضوي لينا للقراءة السودانية زمن المجلات السودانية كانت اضاءة للطفل السوداني وتقويمه
محمد 2021-08-20 - 2:49 مساءً
الشاهى السادة ساخن ولعة ، عمك دلقو فوق ابو صلعة ،الراجل قام والنار ماكلاه ،عمك تنقو وين يلقاه بشكرك جدا على الذكريات السمحة دي شكرا ليك شديييييد
محمد توفيق 2021-08-20 - 2:43 مساءً
معلومة: الفنان عمر عبد الرازق - رسم فى مجلة ( الصبيان ) و ( صباح ) اشتهر برسم شخصيات ( حمقنجى - عزو - تنقو - ) فى مجلة الصبيان - ورسم شخصيات ( غلباوى - سعد - ابوشنب و ابو ضنب - حسن الشاطر ) فى مجلة صباح
اميمة 2021-08-20 - 2:42 مساءً
التحية للمبدع الفنان ملك الجاز شرحبيل أحمد.. فقد كنت تمتعنا في صبانا بكل ابداعاته خاصة في مجلة الصبيان مع عمك تنقو ولماذا اختفي هذا الإبداع هل المداد أم أغلقت النفوس نتمنى ان تعود مراكب ابداعاتكم في فضاءات الوطن
سيد 2021-08-20 - 2:40 مساءً
مجلة الصبيان زمان كانت بتعلم الاطفال القرايه اكتر من المدرسه ومن كتاب المطالعه ي حليل ايام وقت كان التعليم تعليم والطالب طالب..والتربيه الوطنيه جذ من المنهج وجذ من تربيه التلميذ نفسه تقولي تعليم الان الشعب السوداني كلو كلو داير تربيه وطنيه
ياسر 2021-08-20 - 4:33 صباحًا
عمك تنقو بقى سواق يسوق في العالي والدقداق قال يا جماعة انا فنان اسوق من كوستي لبورتسودان ركب اللوري عد وفات من امدرمان بطريق شمبات
يوسف 2021-08-20 - 4:24 صباحًا
عمك تنقو بقى جزار...إشترى سكين واتنين فرار...جابلو تلكى وعلّــــق شنكل...وقال يا اخوانا لحمنا مدنكل...نبيع بالجمله وكمان ب الكيلو...جيبوا الكا ش طوالى وشيلوا...لحمنا نضيف ما فى كلام...عجالى وضان حاجه تمام...يا سلام على ايام جميلة
ايمان 2021-08-20 - 2:22 صباحًا
يا حليل أيام زمان... أيام (مجلة الصبيان)... أيام كان كل شيء في السودان يسر البال ويبهج الخاطر!!
Add Comment

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...