270
ولجت مسرعة الى داخل منزلها وهي تصرخ بأعلى صوتها، والدموع تنهمر من خديها … لم تستمع لصوت والدتها واخوتها وهم يلاحقونها بالأسئلة …(مالك يا بنت الحاصل شنو؟)… لم تستطيع أن تجيب أحد منهم، فهي غير مدركة لما يدور حولها في تلك اللحظة العصيبة، فقط ذهبت الى غرفتها وهي في حالة من الذعر والانهيار الكبير، امسكت هاتفها النقال واتصلت على صديقتها وهي تبكي وتتلعثم في حديثها (الحقيني يااااخ خطب واحدة تانية وخلاني) وسقطت مغشية عليها، لم تستطيع صديقتها هي الأخرى إستقبال الصدمة فعلاقة زميلتها استمرت أربع سنوات، وتلاشى كل شي في ثواني دون أدنى مبررات وذهبت احلامها أدراج الرياح.
نتألم كثيرا لسماع تلك الأقصوصات المريبة التي يتمزق لها القلب المجروح، دون أن يجد ما يسنده في وقت عصيب يكسوه الظلام الدامس الذي لا يفارق المُقل، وكأن الدموع اتخذت لها مقراً ثابتاً في وجه برئ ليس له اي ذنب سوى الثقة العمياء تجاه الآخر، وحمل بداخله طيفا ممزوجاً بالتفاؤل بإنتظار الفرح الأسطوري الذي سيجمع العاشق والمعشوق، ولكن بات الألم هو الوحيد الذي يسكن ذاك القلب المرهف الذي فقد كل شئ وتحطم.
كثرت مشاكل العلاقات العاطفية بين الشباب والفتيات بصورة مخيفة في الآونة الأخيرة، وأضحى الحب ألعوبة لدى كثير من شباب هذا الزمان، فأوقات الفراغ من السهل أن يملؤها البعض بالكذب المقنن على هيئة حب عظيم (يحنك بها الفتاة)، والمؤسف حقا أن تلك العلاقات قد تصل إلى درجة التجهيزات المستقبلية بينهما، ولكن دون أدنى جدوى يفترقا ويخبرها الفتى بمبررات لم تكن في الحسبان، وكأنه يتلذذ بذلك ويذهب باحثا عن الأخرى، تاركاً وراءه ضحية كان يتحدث معها طوال الوقت ويهتم بها وينصحها، واعداً إياها بإقتراب حضور أهله لطلبها للزواج وتحلم معه بكل أحاسيسها وترفض كل من تقدم لخطبتها لأن الرجل الذي أمامها هو من تتمناه، وهو فارس أحلامها الذي لن تبدله بأي شخص آخر، وتستمع معه الى أغاني الحب وتضحك من قلبها وتفرح كثيراً لمكالمته التي تكون جرعة دوائية لها من ثقل اليوم … ولكن يحدث ما لا يحمد عقباه نتيجة علاقة عاطفية مؤلمة ناسياً ذلك الشاب أن ألم الحب هو من أصعب ما يمكن أن يمر على الشخص السوي والصادق والذي كان مضحيا بعمره وذاته وأحلامه تجاهه، ولكنه خذله ولم يقدم له أي شيئا من الوعود التي ذهبت أدراج الرياح وكأنه كان يتحدث مع نفسه ناسياً عبارة ( كما تدين تدان ).
أتعجب كثيراً وأنا استرسل بمدادي وأقص ما يحدث في الواقع المرير ولكن تبقى الأسئلة لماذا يحدث ذلك ؟ والشاب لديه أخوات، هل يمكن أن يرضى أحدهم ذلك أن يحدث لإحدى أخواته؟ … كيف يكون شعور ذلك الشخص الذي دمر قلب فتاة بريئة ليس لها أي ذنب سوى أنها تمنت أن تصبح عروسا متوجة في مملكته وعشقته كثيراً ورفضت الكثيرين لأجله ؟… لما يتعمد بعض شباب هذا الزمان اللعب بمشاعر الفتيات وهم ليسوا على قدر كافي من الثقة ؟ ولماذا لا يكونوا أكثر وضوحاً مع معهن منذ بداية الأمر بعدم التعلق به كثيراً؟.
كل تلك الأسئلة وغيرها تحتاج إلى إجابات مقننة إن كان لها أدنى إعتبارات، ولكني سأقولها داوية بأن الذي يدمر قلب سيدمر قلبه والذي يجرح سوف يرى الألم في حياته … لن يسلم أحد من ذلك فالظلم ظلمات لذا احذروا اللعب بالمشاعر فهي قد تفقد الإنسان عقله دون رجوع، واتخذوا من الفرح قانون يرسم الإبتسامة في شفاهكم.
ودمتم…
Copyright secured by Digiprove © 2021 Ashraf Eltom