ولد أحمد مطر بمدينة أم درمان عام 1904 من أب سوداني هو الحاج حسن إبراهيم علي عبده، وأم سودانية هي الحاجة آمنة بنت محمد ، من قرية عوج الدرب، وبحكم عمل والده في ذاك الزمان بمصلحة هيئة سكك حديد الحجاز التابعة للدولة العثمانية فقد عاش أحمد طفولته في المدينة المنورة وفيها تلقى علومه في اللغة العربية ثم عاد للسودان ليكمل تعليمه في فترة هيمنة الإنجليز على السودان ، ثم إلتحق بمدرسة لتعليم اللغة اليونانية حتى يتسنى له مخاطبة فتيات الجالية اليونانية بالخرطوم عندما شغف بإحداهن ووقع في حبها فبادلته المشاعر وضبط والدها خطاباً لها منه، فاشتكاه لمرؤوسيه في الخدمة المدنية ليفقد وظيفته.
أثناء عمله موظفاً بالبريد السوداني كان يستقبل المراسلات ويوزعها، وقد كان قرأ بعض مراسلات الغائبين عن وطنهم وكلامهم عن البلاد الذي زاروها فكان حلم الترحال والسفر يراوده ، وبعد أن فقد وظيفته قرر السفر إلى القاهرة بإعتبارها أقرب و أسهل وجهة وخصوصاً أن تلك الفترة كانت بمثابة دولة واحدة والتي كانت أيضاً تحت الحكم الإنجليزي .
أقام في مصر مدة ليست بالقصيرة وخلال إقامته تعلم اللغة الفرنسية والإيطالية بحكم عمله و إحتكاكه بالبحارة في مدينة الأسكندرية. خلال وجوده بالقاهرة تم إغتيال السير لي إستاك الحاكم العام على السودان والذي كان في زيارة للقاهرة.
ولأن مطر كان مثله مثل أي سوداني كان رافضاً لوجود الإحتلال بالسودان كان هو أول من أُتهم بمقتل السيرلي إستاك وجري التحقيق معه تحت التعذيب وسجن مدة لا تقل عن شهر كامل إلى أن خرج بعدها بريئاً من التهمة التي كانت موجهة إليه ، ورغم تبرئته إلا أنه تم وضع اسمه في الكشوفات الإنجليزية كشخص ملاحق، ويمكن التحقيق معه في أي وقت.
وعليه كان لابد من مطر الإبتعاد عن أعين المخابرات الإنجليزية ، فقرر أن يكون البرازيل موطأ قدمه وعمل فيها صحفياً ومترجماً بحكم إجادته لغات عديدة مما ساعدته هذه الوظيفة بمجالسة طبقة المثقفين والسياسيين والكتُّاب والنقاد .
فبتقربه لطبقة السياسيين أصبح ملماً بالسياسة ودهاءها خصوصاً في أميريكا اللاتينية فإختارته البرازيل سفيراً لها في تشيلي .
يُذكر أنه خلال رحلته إلى أميريكا اللاتينية صادف كلٌ من جبران خليل جبران، وميخائيل نعيمة وقد ذكره الأول في مذكراته.
خلال إقامته بتشيلي تعرف على المناضل الأرجنتيني تشي جيفارا وفيها إخترق القادة السياسيين وتعرف عليهم وصار من جلاسهم ،وكانت تشيلي تعيش فترة فراغ دستوري أثناء تواجد مطر فيها؛ وكان بلا رئيس فإختلفت القوي السياسية فيمن يقود البلاد في تلك الفترة حتى يتم إقامة الإنتخابات وإختيار رئيس شرعي لها ، فاختاروا أحمد مطر لهذا المنصب لسمعته الطيبة وحياديته عن كل الأطراف وبقي في هذا المنصب فترة تسعة أيام.
الجدير بالذكر أن الفترة التي قضاها أحمد مطر في أمريكا اللاتينية تعدت ربع قرن من الزمان حيث أقام فيها من العام 1925م حتي العام 1952م وخلال إقامته هناك زار بلاد عديدة من بينها ألمانيا وفيها إلتقى بالزعيم النازي هتلر وجلس معه أكثر من مرة؛ وكان ذلك قبيل إندلاع الحرب العالمية الثانية و عمل في الحزب النازي وورد إسمه في كم هائل من الكتب النازية وكان من المخططين الدبلوماسيين المكرهين جداً من قبل أمريكا قبيل الحرب العالمية الثانية.
كما أنه هاجر إلى الخليج صادق كلٌ من الملك عبد العزيز آل سعود كما صادق سياسيين عرب وشاميين وكان من المقربين للشريف حسين شريف مكة المكرمة.
وفي العام 1951م قرر البطل أحمد مطر العودة إلى بلاده، وفي طريقه مر بدولة الجزائر التي كانت تشهد حرباً ضد حكم الفرنسيين وهناك شارك مع الجزائريين في ثورتهم حيث كان يتمتع بحس ثوري إكتسبه في نضالاته ضد حكم الإنجليز في السودان وزاد حسه الثوري خلال تجواله مع المناضل تشي جيفارا .
وتوجه بعدها إلى مصر مرة أخرى وإلتقى بالرئيس محمد نجيب ، كان البطل مطر لا يجد أي صعوبة في مقابلة أي شخص مهما كانت درجته أو منصبه فالرجل يتمتع بشهرة كبيرة وقد كان لبق الكلام سلس الحديث واسع الإطّلاع والمعرفة بجانب ثقافته العامة في كل شئ.
عاد إلى السودان في منتصف الخمسينيات من القرن التاسع عشر، وبعد عودته مباشرة كلفه الرئيس الأزهري بتأسيس قسم البروتوكولات في وزارة خارجية السودان ليبقى هو رئيس قسم البروتوكولات حتى إختار التقاعد والتفرغ لكتابة مذكراته من منتصف السبعينيات حتى منتصف الثمانينيات إلى أن وافته المنية في العام 1985م بالعمارات تاركاً خلفه سيرة أغرب رجل عرفته تاريخ السودان .
http://alrihlah.com/bookss/339مصادر:
ويكبيديا