اخذوا من العطبراوي معطفاً و من وردي ترانيمَ تدغدغ مشاعر القاصي والداني وتلهب روح الانتماء دندنةً بـ يابلدي ياحبوب أبو جلابية وتوب وملبين نداء الصارخ بـ (يازول ).. كلما نودي يازول التفتنا لهفةً وداً وحباً وحنيناً ..
مشاعلاً للوطن كانوا ولا زالوا.. سمراوات بحجم الوطن .. بأمر التوب والجرجار .. والزغرودة والشبال .. والتعايش الاجتماعي..
ظلت الجاليات السودانية مثالاً يُحتذى به في المهجر ، في رباطها وترابطها وصوتها الجهور وعفتها وأمانتها .. فتربعت على قلوب الشعوب الصديقة والشقيقة.. فأستأمنوها على مالهم وحلالهم وعرضهم.
كل هذا يصب في خانة الموجب الذي جعل من السودانيين بالمهجر (سفراء فوق العادة)..
السفير ليس شرطاً أن تبتعثه الخارجية .. وهذا هو ما بدى عليه حال السودانيين في المهجر .. قدموا أوراق اعتمادهم وفاءً واخلاصاً وتفانياً في أعمالهم بكرامةٍ وعزةٍ وسؤدد .. اعناقهم تعانق السماء عزةً وسيرتهم في المجالس كالأسود الضارية.
يتفيأ ظلالهم كل من حولهم من الأشقاء العرب والعجم .. حتى بات الرجل يشتهي أن يُسأل عن موطنه فيهتف .. أن : إني انا السودان ارض السؤدد ..هذي يدي .. ملأى بألوان الورود قطفتها من معبدي ..من قلب إفريقيا التي دكت حصون المعتدي .. خطت بعزم شعوبها .. آفاق فجر أوحد ..
فأنا بها وأنا لها .. سأكون أول مفتدى ..
هم بخير ولا زالوا .. فأكرموهم حتى يبقى شموخهم وجباههم عالية..
لا ينتظرون “ضبيحة مباشر” من وطنهم ولا رد جميل .. بل يطلبون عرفاناً ولو باليسير الذي يرضيهم..
حالهم اليوم اقتصادياً ليس كالأمس وتعلمون..
ماعادت ظروفهم المعيشية في بلاد الاغتراب كالأمس ..
بقرارات يسيرة يمكن أن تُثلج صدور المغتربين .. وأبرزها تلك التي تتعلق بالصحة والتعليم والمسكن..
منهم من سيعود بعد انتهاء الجائحة إلى الوطن عودةً نهائية .. واغلبهم لايمتلك مسكناً يأويه أو وظيفة تسُد رمقه و أسرته..
افتحوا أبواب الجامعات لأبنائهم وعاملوهم كطلاب الداخل .. فما عاد ” الدولار الأخضر” رفيقاً للمغتربين يا مكين..
اشركوهم في التأمين الصحي واقحموهم تحت مظلته تحت رعاية الدولة وإن كان ذلكم التأمين مظلته يتخللها الشمس من كل جانب .. ولكنه “جبر الخواطر”..
أعينوهم بالقليل .. فقد قدموا الكثير..
أنزلوهم منازلهم .. وارحموهم من “مواسير” أفواج الأراضي التي في “سقط لقط” .. ودفعوا فيها ملايين الدولارات.. وهي لاتسوى ثمن بعير..
المغترب تتلقفه أيدي السماسرة من جهة والأراضي من جهة والضرائب من جهة و”بتاعين العفش السرقوا عفشهم وقروشهم” من جهة..
أصبح المغترب فريسة لكل من يجيد النهش .. حتى أوصلوه النعش ..
فأرحموهم .. يرحمكم الله ..
اقعدوا عافية..