تعرف على شخصيات سودانية .. سارة جاد الله
“المرأة التي صنعت المستحيل”
من مواليد عام 1956م درست الرسوم المتحركة و الإخراج السينمائي بالقاهرة وتعد من أوائل الرائدات السودانيات اللاتي عملن في مجال الإخراج التلفزيوني والسينمائي.
أُصيبت بالشلل في إحدى قدميها منذ أن كانت في الثانية من عمرها، وحتى تستطيع المشي نصحها الأطباء بممارسة السباحة بوصفها نوعاً من العلاج الطبيعي. بدأت سارة تدريبات السباحة في حوض المنزل ومنها انتقلت للسباحة في نهر النيل، وكان لوالدها جادالله جبارة دور كبير في تحويل ابنته إلى بطلة قومية ودولية، دفعها تشجيعه وطموحها الخاص أن تنتقل بهوايتها الجديدة إلى ساحات المنافسة.
شاركت في العديد من المنافسات المحلية والدولية حيث فازت وهي في الثامنة من عمرها ببطولة الجمهورية و مثلت السودان في بطولات عالمية في الرابع عشر من عمرها. بدأت سارة بالمسافات القصيرة فأحرزت أربع ميداليات في مسابقات 50 متراً فراشة، 100 متر حرة، 100 متر ظهر، و200 متر ظهر أيضاً. وحين تأكد نبوغها اتجهت للمسافات الطويلة، فحققت نجاحاً مماثلاً وصارت رقماً ثابتاً في منافسات السباحة التي تُنظّم في ربوع السودان في السبعينيات، حيث تفخر سارة بأنها حققت بطولات في كل من العيلفون وعطبرة ومدني ودنقلا وجبل أولياء، وهو السباق الأشهر لصعوبته وطول مسافته البالغة 40 كيلومتراً، من جبل أولياء حتى أمام مبنى التلفزيون في أم درمان،
وفازت سارة رغم أنها لم تقطع مسافات بهذا الطول من قبل.
خارجياً مثلت سارة السودان في مسابقات مختلفة في كينيا وإنجلترا والصين التي أحرزت فيها ميدالية ذهبية. إلا أنها تعتبر سباق «كابري نابولي» في إيطاليا أهم مشاركاتها الخارجية على الإطلاق.
قبل أن يوافق والدها على سباق نابولي ، اشترط عليها الفوز في سباق محلي في النيل لمسافة 50 كيلومتراً (عام 1975). في ذلك الوقت، كانت الأحوال الجوية سيئة لدرجة أن المنظمين منعوها من المشاركة بإعتبار أنها الفتاة الوحيدة في السباق. لكنها أصرت على المشاركة وأحرزت المركز الثالث بعد 12 ساعة سباحة متواصلة. بعدها، نفّذ والدها رغبتها في المشاركة في السباق الدولي وعلى نفقته الخاصة.
في «كابري نابولي» وجدت سارة نفسها أمام أجواء مختلفة من النواحي جميعها، فبالإضافة للجمهور الكبير والتغطية الإعلامية التي صاحبت السباق، كان على سارة أن تنزل لأول مرة في مياه البحر المالحة، وهي المعتادة على سباحة النيل بمياهه العذبة والهادئة. 36 كليومتراً شكك القائمون على السباق الإيطالي في قدرة الشابة السودانية المعاقة على اجتيازها، ونصحوها بعدم النزول خاصة أنها، كما اكتشفوا لاحقاً، أنها لا تملك أدوات السباحة في البحر، ولم يرافقها في البعثة مدرب، ولا مدلك، ولا طبيب، أسوة بباقي البعثات العالمية. في الحقيقة لم يكن يرافق سارة في رحلتها تلك إلا والدها، الذي حمل آلة تصوير صغيرة ليوثّق الحدث.
فاجأت سارة الجميع بإصرارها على خوض المنافسة واحرازها للمركز الثاني لتتوج بعدها بالميدالية الفضية .تتذكر سارة في ذلك اليوم أنها عندما كانت تفصلها 5 كيلومترات فقط عن خط النهاية شعرت بالتعب، وأرادت أن تنسحب من السباق، لكنها انتبهت فجأة لهتافات الجمهور الذي كان يقول: «فيفا سارا.. فيفا سارا».. مما دفعها لإكمال السباق.
في السودان الجميع يعرفون سارة جادالله بوصفها بطلة مشهورة وقدوة يحتذى بها الجميع. لا تزال تمارس الرياضة حتى اليوم، وتعمل مدربة في العديد من أندية السباحة في الخرطوم.وسارة جادالله ليست سباحة فحسب، بل مخرجة سينمائية أيضاً، ذهبت في هذا الطريق بعد أن درست السينما على خطى والدها الأستاذ جاد الله جبارة، الذي لم يكن فقط أول مصور وثّق لحظة الاستقلال، لكنه كان مخرجاً فذاً ومبادراً في صناعة الأفلام، ورائداً من روّاد السينما السودانية. ولديها استديو خاص للإنتاج التلفزيوني، حيث أخرجت حوالي 20 فيلماً وثائقياً.
أسرة جبارة استغلوا تخصصهم في مجالي السينما والرياضة، فكتب والدها سيناريو عن إنجازاتها بعنوان «فيفا سارة»، اشترته لاحقاً شركة في إيطاليا، حيث صنعوا فيلماً عن القصة.
التحيه للمرأة السودانية