خيط رفيع جداً – النظام والفوضى الشاملة، مسلسل الموتى السائرون The walking dead

مسلسل الموتى السائرون The walking dead يعطيك لمحة قصيرة وعملية عن ما يمكن للبيئة أن تفعله بالإنسان، إنسان القرن الواحد والعشرين، وعندما نصفه بإنسان القرن الواحد والعشرين فإننا نصف مجموع القيم و الأخلاق و الثقافات والعادات و الصفات (الخيرة) والتي تطورت مع تطور الإنسان نتيجة للتجربة وما يترتب عليها.

وبطبع الحال نتيجة لمجموع الأديان والمعتقدات والتي تحكم وتنظم حياة أفرادها.

فإذا عدنا إلى بدايات البشرية البدائية (إنسان الكهوف والغابات)، وكيفية عيشه في تلك البيئة القاسية والتي يغلب عليها الصراع من أجل اي شيء، من أجل أن يأكل، أن يسكن وأن يتزوج.

كل ما نراه اليوم من نظام وترتيب وحقوق و-عدل-، في رمشة عين يمكن أن ينقلب إلى فوضى شاملة وحمام من الدماء.

خيط رفيع جداً يفصل بين هذا النظام إن جاز التعبير، وبين الفوضى الشاملة، فالشر كامن في كل بشر، شر مستتر، فقط يتحين اللحظة المناسبة، أو الحافز المناسب.

على مر العصور تجادل العلماء في موضوع الشر وهل هو أصل في الإنسان ام الخير هو الأصل، وأجرت العديد من التجارب وأقيمت العديد من المناظرات.

على سبيل المثال، يرى العالم والفيلسوف أرسطو أن الإنسان يولد بلا أخلاق، وفي مسيرة حياته وبمروره بالعديد من التجارب يكتسب إما خيراً أو شر.

وكذلك فرويد، يرى أن الإنسان يولد كما الصفحة البيضاء، لا هو خير ولا شر.

الشاعر الشهير جبران خليل جبران، أيضا عبر شعره أدلى بدلوه في هذا المجال، فقال:

الخير في الناس مصنوع إذا جبروا، والشر في

الناس لا يفنى وإن قبروا”

فهو يقول الخير ليس بأصل في البشر، إلا إذا جبروا عليه، وإنما الشر هي خصلة أساسية وأصيل في كل البشر.

لنعد لسيغموند فرويد مرة أخرى، فقد قسم النفس البشرية إلى ثلاث أقسام: ال(هو) و ال(انا) وال(أنا العليا)، حيث تمثل (هو) القسم الأول، وهو قسم اللذات والشهوات والرغبات المكبوتة، وهذا القسم لا يعبأ بالأخلاق ولا الأنظمة.

القسم الثاني هو قسم ال(أنا) وهو القسم الأكثر اعتدالاً بين الطرفين،

القسم الثالث هو قسم ال(أنا العليا) والذي يلتزم التزام تام بالأخلاق والأفعال الخيرة والتعاليم الدينية والمجتمعية.

في رأي الشخصي هو أفضل تقسيم وتحليل للنفس البشرية، فالشخصيات في المسلسل قبل بداية الجائحة كانت في جزئية القسم الثاني، القسم المعتدل والأقرب للاتزان والمثالية، لكن بعد الجائحة والتي قضت على معظم البشر،  وتسببت في نقص في كل شيء، أصبح الإنسان بين خيارين، أما الحياة أو الموت، وهو الذي نقل البشرية من القسم الثاني إلى القسم الأول، قسم الأنانية واللذات وحب الحياة، وهو بالضبط ما حصل في مسلسل الموتى السائرون The walking dead، الجانب أو القسم الأول، قسم ال(هو) أصبح هو السائد والمسيطر، فالكل أصبح قاتل، ممكن أن تُقتل من أجل  علبة صودا، ساردين، أو أن تُقتل من أجل لا شيء فقط لأن هناك فرصة مهما ضئلت أن تُقتله أنت.

يمكن أن تُقتل من قِبل شرطي، طبيب، قاضي بل حتى رجل دين قساً كان أو شيخا.

 

 

Related posts

السينما الإيرانية ما بين مطرقة ضعف الإمكانيات وسندان القيود الرقابية

قراءة في ترشيحات أوسكار 2022

مسلسل تشيرنوبل

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...