مدن ومعالم … حيّ الشهداء أم درمان (ميدان الشهداء)
حيّ الشهداء بأم درمان، جاءت تسميته على شهداء معركة كرري الخالدة. حيّ الشهداء بأم درمان كتاب ثمين من المعلومات. حيث يفِيض الحيّ بالذكريات والوطنيات والعائلات الكريمة التي تعيش في رحابه، ومن أشهر شخصيات الحيّ الزعيم إسماعيل الأزهري.
الشهداء تلك البقعة الأمدرمانية التي تمتد شمالاً من المحطة الوسطى بشارع السيد علي الميرغني مرورًا بشارعي عبدالله خليل وأزهري حتى شجرة a ببيت المال، وللشهداء تاريخ قديم وعريق ومتأصل وليست موقف مواصلات فحسب، كما يتعامل معها الغالبية من الناس وسمِّيت الشهداء بهذا الاسم نسبة لشهداء المهدية، فموقف المواصلات الحالي كان عبارة عن مقابر الحي ولكنها اندثرت بطول المدة ولم يتبقَ من شواهدها سوى قبري الشيخ محمد ود مضوي والشهيد مكي أمين كبرو.
وكان وما زال يسكن حي الشهداء شخصيات تاريخية وسياسية وفنية ورياضية، شخصيات لها وزنها كل في مجاله، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الزعيم الراحل إسماعيل الأزهري وعبد الله بك خليل وفيه وُلد الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد كان منزله قبالة مقابر الشهداء والدكتور عبد الخالق محجوب وآل عبد المنعم محمد رجل البر الإحسان. وهنا نقف قليلاً مع تلك الأسرة التي تتنفس علماً ومعرفة فالأستاذ أحمد بشير العبادي من أوائل المعلمين بالسودان وقد تمت تسمية مدارس كلية المعلمات باسمه تكريماً لدوره، وكذلك يضم حي الشهداء أسرة شاعر النشيد الوطني وعضو مجلس السيادة الأستاذ أحمد محمد صالح ــ كما تضم الشهداء بين دفتيه أسراً أم درمانية شهيرة .
وقد تأسس نادي الهلال بحي الشهداء بمنزل حمدنا الله أحمد وكان يرأس النادي وأيضا يتعتبر أسرة آل رجب »يوسف، وصالح، وآدم، وعمر، وأحمد« من مؤسسي نادي الهلال، وكان الفريق شرطة محمد عبد الملك الطاش نائب رئيس نادي الهلال. وقبل نادي الهلال كان هناك تيم عباس لمؤسسه عباس حبيب الله.
ومن أشهر اللعيبة بحي الشهداء عصمت معني والسر كاوندة »المريخ« وكابتن الهلال محجوب عبد القادر الشهير بـالضب .
أثناء تجوالنا بحي الشهداء أشار علينا الكثيرن بضرروة زيارة العم عثمان إلياس وقد صدقوا في ما أشاروا إليه فالرجل موسوعة تاريخية تستحق التوثيق. ذهبنا إليه بمنزله وبعد أن حظينا بكرم الضيافة السوداني الأصيل تركنا له مجالاً مفتوحاً للحديث ليحكي لنا عن حي الشهداء فحدثنا قائلاً:
اسمي عثمان إلياس، من مواليد حي الشهداء في العام 1927م وحي الشهداء والإسبتالية من الأحياء العريقة وهو أول حي تأسس في مدينة أم درمان وقد تخرّج منه عظماء الشخصيات أذكر منهم على سبيل المثال الأستاذ محمد النذير الذي كان مدير لمدرسة رومبيك، وقتل هناك في المجزره الشهيرة في العام 1955م والسفير رحمة الله عبد الله أول سفير للسودان بأمريكا والأستاذة نفيسة أحمد إبراهيم والأستاذ أحمد النضيف والطيار جميل الذي استشهد وسمي أحد شوارع الخرطوم باسمه وآل محمد مبروك وهو من الذين قاموا بسودنة السودان والأستاذ عبيد عبد النور »أول من قال هنا أم درمان بالإذاعة القومية«. والأستاذ مبارك زروق اول وزير خارجية السودان والأستاذ يحيى الفضلي. و الشاعر إبراهيم العبادي وحاج يوسف الأغا وهو من أعظم تجار السودان وكذلك تاجر المواشي سليمان الحاج حمد وأبو العلا وعبد المنعم محمد الذين كان متزوجاً من الحاجة سكينة أحمد حسن صاحبة معهد سكينة لذوي الاحتياجات الخاصة والتي في أوقافها تمّ تشييد مستوصف الزيتونة »مامون حميدة الحالي«
كما يوجد بحي الشهداء أعظم وأعرق المدارس وأولها في السودان »الأميرية والوسطى والكتاب وكلية المعلمات«. وبسؤالنا له عن تأسيس موقف الشهداء الذي قام على أطلال مقابر المهدية أجابنا قائلاً: المقابر كانت موجودة وبشواهدها لكنها اندثرت بطول المدة وهذا الموقف تأسس أيام حكم الرئيس الأسبق نميري وأسسه مهدي مصطفى الهادي، أما بالنسبة لسوق الشهداء فكان عبارة عن رواكيب ثم تحوّل السوق إلى وسط سوق أم درمان خلف نقطة البوليس القديمة ثم تحولت الأكشاك إلى السوق الشعبي.
وشارع الدكاترة الحالي كان يسكنه الأقباط أذكر منهم شاكر وكان يعمل تاجراً للأناتيك وعطا الله جبرة، وهذا الأخير كان يمتلك مكتبة توجد بها الصحف العربية اليومية وكانت تصل إلى السودان يومياً عن طريق البحر. وكان شارع الدكاترة هذا يسمى شارع ( المهاتما غاندي) فقبل استقلال السودان كان يسكن هذا الحي الهنود بأعداد كبيرة، كما توجد الجالية اليمنية ويمثلها حتى الآن دكان اليماني طيري. ومستشفى أم درمان هذا تأسس ما بين 1910أو 1912وكان عبارة عن عنابر من غير سور حتى العام 1947م.
ومن اشهر المقاهي بحي الشهداء قهوة ود الأغا الزئبق ــ شديد ــ وهي تمثل ملتقى للعمال. كما يوجد بالحي نادي الإصلاح الذي تأسست به أول فرقة موسيقية، ويعتبر عبد الله بك خليل وأزهري هما أساس هذه البلد كذلك الأستاذ علي شمو تربى في هذا الحي.
بقلم/ سحر سالم