عدي عبدالعظيم
¤ الزواج عموما يأتي تحت مطلب تكوين الأُسر وإنجاب الذرية الصالحة وصون النفس والعفة وإكمال الدين وغيرها من الأسباب التي تُساق من أجل الزواج.
فلقد منحنا الله العقل الذي نفكر به في إختياراتنا التي نحاسب عليها لاحقا، اذا كانت خاطئة بالقدر الذي يصل ضررها إلى أناس لا ذنب لهم في ما وقع عليهم هذا الإختيار.
¤ يُعرّف الزواج المُبكّر أو ما يُسمّى بزواج الأطفال القُصّر على أنّهُ الزواج الذي يكون فيه عمر أحد الطرفين أو كليهما دون سن 18 عاماً، أو لم يبلغا سن الرشد المحدد في بعض الدولة، ويُعدّ الزواج المُبكّر أحد أنواع الزواج القسري، حيث إنّ أحد الطرفين أو كليهما لا يملك الحريّة الكاملة في الموافقة على شريك حياته الذي يناسب سنه أو مستواه ، أو لا يُظِهر موافقةً صريحةً على الزواج، حيث إنّه لا يمتلك القدرة على تحديد الشريك المناسب له، لا سيّما أنّ أسباب عدم القدرة على الموافقة قد تختلف من شخص لآخر، وذلك لعدّة عوامل منها معدل النمو الجسدي، أو النفسي، أو الجنسي، أو العاطفي، أو قد يفتقد أحد الطرفين إلى خبرات الحياة التي تُمكّنه من اتخاذ القرار المناسب، وفي كثير من الأحيان تُعدّ الفتيات الصغيرات هنَّ الأكثر تأثّراً بظاهرة الزواج المُبكّر، حيث أنّ بعض الأسر تفرض على الطفلة شريك حياتها المستقبلي منذ ولادتها، فما أن تصل إلى سنّ تستطيع فيه الإنجاب حتّى يتمّ تزويجها فوراً.
¤ للزواج المبكر أسباب ومسببات يمكن تلخيصها في :
– العادات والتقاليد : –
حيث تمثل العادات والتقاليد المتُبعة في كثير من المناطق ،السبب الأكثر إتباعا للزواج المبكر أو القسري، وهذا السبب من أكثر الأسباب إستعصاءا في الحل، حيث أنه يحتاج إلى جهدٍ كبير في عملية التوعيه والتعليم لاُناس لم يتلقوا تعليما منذ الصغر، وهم نفسهم الذين يتحكمون في مصير بناتهم وأولادهم .
– ضعف التعليم أو إنعدامه : –
وهي الفئه المعنية بأمر التوعية و الإرشاد بالنسبة لأولياء الأمور الذين يقع عليهم عبء المسئولية الإجتماعية أمام أبنائهم بحكم أنهم من يقع بيدهم القرار الملزم بالزواج أو بعدمة.
– ضعف القوانين وضعف الإلتزام بها : –
حيث يمثل هذا السبب هاجسا وتحديا عظيما للحكومات ومنظمات المجتمع المدني المعنية بأمر الزواج المبكر أو القسري.
وهذا الامر يتعلق بكل الأطراف ،طرفي الزواج أو الأسر، والقائمون على أمر الأسر فبإنعدام القوانين أو الجهل بها يزداد الأمر سوءا وتجذرا وتصعب مهمة القضاء على هذه الظاهرة القديمه الجديدة.
– إنعدام الأمن وانتشار الأزمات: –
في المجتمعات التي تتعرّض فيها الفتيات إلى خطر المضايقات والإعتداء البدني أو الجنسي، يتجه الآباء نحو تزويج بناتهم لحمايتهنّ والحفاظ على سلامتهنّ، كما أنّ نسب حالات الزواج المُبكّر تزداد في المناطق التي تُعاني من الأزمات الإنسانية والكوارث الطبيعية، وتلك التي ينتشر فيها العنف والفقر، فمن بين عشر دول تُعاني من أزمات بكافة أشكالها تسع منها تُعاني من إرتفاع في معدل الزواج المُبكّر، وهذا للأمانة أمرٌ عظيم يجب الوقوف عنده كثيرا.
¤ الآثار الصحيّة والنفسيّة للزواج المبكر على الأطفال، تكون الأمهات المراهقات أكثر عرضةً لإنجاب أطفال خُدَّجْ يُعانون من نقص في الوزن عند الولادة؛ وذلك لعدم توافر الوقت الكافي لإتمام مرحلة النمو داخل بطن الأم، حيث يزن الطفل الذي يُعاني من نقص في الوزن عند الولادة ما بين 1500 إلى 2500 غرام، وفي حالات نقص الوزن الحادّ قد يصل وزنه إلى أقل من 1500 غرام، ففي هذه الحالة يحتاج الطفل إلى تدخّل طبي في وحدة الأطفال الخُدَّجْ داخل المستشفى، وتقديم جهاز التنفس الصناعي إذا لزم الأمر لمساعدته على التنفس.
وتظهر الآثار الصحية بأشكال متعددة على صحة الجنين ومنها؛ التعرّض للإختناق داخل بطن الأم؛ بسبب القصور الشديد في الدورة الدموية المغذيّة للطفل، كما أنّ الولادة المبكّرة تُعرّض الطفل لبعض المخاطر منها؛ عدم إكتمال نمو الرئتين، وحدوث عدّة أضرار في الجهاز الهضمي، كما قد يُصاب الطفل بتأخّر النمو الجسدي والعقلي، وزيادة الفرصة بالإصابة بمرض الشلل الدماغي، أو العمى، أو الإعاقة السمعية، أو قد يتوفّى الطفل بسبب الإلتهابات بعدّة أنواعها، وتتمثّل الآثار النفسيّة المترتبة على الطفل في مشاعر الحرمان التي تنتابه لعدم قدرة الأم القاصرة على القيام بواجبها إتجاه طفلها، فينشأ عن ذلك اضطربات نفسية قد تُصاحب الطفل حتّى يكبر وينتج عنها أمراض نفسية؛ كالفصام والإكتئاب، كما أنّ إنخفاض الرعاية التربوية السليمة تؤدّي إلى تأخّر النمو الذهني لدى الطفل، لذلك فالزواج المُبكّر هو أحد أسباب إنتشار الأمراض والإضطربات النفسية داخل الأسرة.
¤ ختاما
إن الزواج المبكر مسئولية مجتمعية تحتاج إلى توعية شاملة وكاملة على كل المستويات وكل الفئات، وهذه المسئولية تقع علي عاتقنا ككل بدءا من المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والمهتمين بقضايا الوطن .
فقد أنتج لنا الزواج من القُصر آباءًا وأمهات يحتاجون للتربية أكثر من أبنائهم، فهذا هو دورنا تجاه توعية مجتمعنا وتبصير أهلنا فإذا تخاذلنا عن هذا الدور فمن الذي سيقوم به…!?