ختاماً لسلسلة المقاومة الوطنية ، و في آخر جزء فيها سنرى كيف تطور الوعي السياسي لدي السودانيين و اختتم بنيل السودان استقلاله لنتابع
الحركه الوطنية (1945_1956م):-
بدا واضحاً بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبداية انحسار المد الاستعماري أن بريطانيا لن تستطيع الاحتفاظ طويلاً بمصر و عجل من ذلك تصاعد النضال الطبقي و الوطني إبتداءً من 1946م بعد أن وضح تردد بريطانيا في الوفاء بوعدها بخصوص استقلال مصر ، وهنا كانت بريطانيا حريصه ألا يكون السودان ضمن صفقه الجلاء عن مصر ، و عندما أحست الحكومة المصرية أن مفاوضاتها مع بريطانيا حول مستقبل السودان قد وصلت إلى طريق مسدود و أعلن مصطفى النحاس رئيس وزراء مصر في 18 اكتوبر 1951م إلغاء اتفاقية 1899م للحكم الثنائي ، و إتفاقية 1936م و غير الملك فاروق لقبه إلى ملك مصر و السودان ، و وافق البرلمان المصري على دستور موحد لمصر و السودان بدون استشارة السودانيين الأمر الذي فجر غضب عارم في السودان.
ردت الجمعية التشريعية السودانية بالموافقة على مشروع قرار الحكم الذاتي بعيداً عن مصر و بريطانيا. و في المرحلة الأخيرة للحركة الوطنية السودانية الحديثة المعروفة بالمرحلة الانتقالية التي بدأت بعد توقيع حكومتي بريطانيا و مصر على اتفاقيه الحكم الذاتي في فبراير 1953م حيث دخل السودان بها مرحلة. انتقالية استطاع السودانيين فيها التوافق على إجازة أول دستور انتقالي للبلاد و إجراء أول انتخابات برلمانية في نوفمبر عام 1953م و تأليف أول حكومة وطنية إنتقالية في 9 يناير 1954م بقيادة رئيس الوزراء إسماعيل الأزهري.
وسودنه القوات المسلحة بتعين اول قائد سوداني للجيش في 14 اغسطس 1954م ، استكمال خروج القوات البريطانيه والمصريه من السودان بالاضافه إلى سودنة بقية أجهزة القوات النظامية الأخرى ، كما جرت سودنة الوظائف القيادية على كل مستويات أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية.
و بإكمال هذه المهام خلال المرحلة الإنتقالية استوفت كل بنود اتفاقية الحكم الذاتي وجاء الإجماع في الجلسة التي عقدها البرلمان السوداني في 19 ديسمبر 1955م على إعلان الإستقلال داخل مقر البرلمان و تقرر أن يكون الأول من يناير سنه 1956م هو يوم استقلال السودان عن بريطانيا و مصر ، فحررت رسائل إلى كل من بريطانيا و مصر و أرسلت الدولتان اعترافهما باستقلال السودان و أقيم رسمياً في صبيحه الأول من يناير 1956م احتفال بالقصر الجمهوري أنزل خلاله علم مصر و بريطانيا و رفع علم السودان إيذاناً بجلاء الحكم الأجنبي و بدء الحكم الوطني و تولي مجلس السيادة الأول مهامه بأعضائه :
- أحمد محمد يس
- أحمد محمد صالح
- الدرديري محمد عثمان
- عبدالفتاح المغربي
- سرسيو ايرو
الى جانب رئيس الوزراء اسماعيل الأزهري و بقية أعضاء حكومته في أول حكومه وطنية لدولة السودان المستقل.
هكذا استطاعت الحركة الوطنية بمراحلها المختلفة من تحقيق تقرير المصير للسودان و توحيد الشعور و الإنتماء الوطني و التراضي و التوافق الوطني لادارة الدولة تحت مظلة الوطن الواحد باسم جمهورية السودان.