نتحدث اليوم عن ثاني أكبر جزيرة على نهر النيل بعد جزيرة مقرات؛ جزيرة صاي.
تقع في الولاية الشمالية وسط منطقة السكوت بين مدينتي دنقلا و وادي حلفا. على بعد 712 كلم من العاصمة القومية الخرطوم و 9 كلم عن مدينة عبري، يبلغ طولها 12كلم وعرضها 7 كلم.
بها أربعة قرى، في شمالها قرية “صاي ساب” وعلى الساحل الغربي لها وجنوباً قرية “أرووين” أما على الساحل الشرقي قرية “عدو” يتوسطها جبل صاي.
ويرجع أصل تسمية صاي إلى عدة روايات، فالرواية الأولى تقول أن صاي تعني “ساعة” و جاء الإسم حين كانت صاي شبه جزيرة يحدها من الغرب وادي منخفض، وكان الناس في الأصل يقطنون على الجانب الشرقي منها. وتقول الروايات أن أهالي صاي قرروا أن يحفروا قناة في ذلك الوادي تجعل من صاي جزيرة، وبالفعل قاموا بالمهمة في ساعة واحدة فقط، ومن حينها أصبح اسمها جزيرة “ساعة” فتحرف الإسم ليصبح أخيراً “صاي”. وهذه الحكاية قد تفضي بالمسارعة لدحضها، وذلك لاتشمال الإسم على كلمة عربية مثل “ساعة”. و صاي في اللغة النوبية تعني مخزن حيث كانت تستخدم كمخزن للتمور .
سكان هذه البقعة السمراء يتحدثون اللغة النوبية، و يعتمدون في حياتهم على الزراعة وصيد الأسماك.
نسبة الأمية بها قليلة جداً أو معدومة تماماً. لكثرة العاملين من أهلها بالتعليم بمختلف درجاته من الإبتدائي إلى الجامعي. ولذلك اشتهرت ب”جزيرة المعلمين”.
ينتسب إليها الشاعر والملحن والمغني الراحل المقيم خليل فرح، والعديد من رموز الفن والإبداع.
مرت على هذه الجزيرة الكثير من الحقب التاريخية المختلفة، فهي أحد أهم المواقع الأثرية المثيرة للإهتمام من قبل الباحثين و الدارسين السودانين والأجانب. بدأت البعثة الفرنسية بالتنقيب الأثري بها منذ العام 1904م، ومن خلال الدراسات على مر السنوات اتضح أن هذا الموقع يضم مواقع من العصور الحجرية إلى آثار الفترة الإسلامية. والمثير للانتباه أيضاً أنه عثر على ما يفيد بتواجد بشري على أرضها منذ 215000 سنة.
الموقع الجغرافي لجزيرة صاي جعل منها موقع استراتيجي آمن يضمن الإستقرار الدائم، وهذا ما تدل عليه الآثار الموجودة في الجزيرة من المراكز الدينية ومراكز النشاط السكاني والمدافن، وتعددت كل تلك الوحدات لتكون موقع أثري يشمل كل أنواع النشاطات الإنسانية القديمة، حيث يمكننا أن نطلق على الجزيرة مركز حضاري وليس فقط موقع أثري مفرد.
يكثر الحديث عن هذه الجذابة، وهذا التنوع العجيب يجبر قلمي لأعود في العدد القادم بكل لهفة لأتناول “صاي عبر العصور”.