في مقال سابق على المجلة للكاتبة (ريم عباس يحيى ) عن (السموم الفطرية) – الافلاتوكسينات . وضحت فيه بطريقة مبسطة و شاملة مشكلة زراعية و صحية تواجه الصناعة الغذائية و الزراعة بوجه عام وهي مشكلة الافلاتوكسينات .. وهي سموم تفرزها فطريات موجودة في التربة و تسبب هذه السموم امراضا كثيرة قد تصل الى السرطان و التليف الكبدي و تقزم الاطفال في بعض الدراسات . ناهيك عن انها من السموم الغذائية التي تصل سميتها الى الوفاة .
و بسبب المقال المذكور اخذت في البحث و القراءة عن هذه المشكلة المؤرقة التي احبطتني كثيرا بسبب تعقيداتها ..
فهي مادة سامة و لا تتاثر بالحرارة و المعالجات الغذائية و تصيب كثير من محاصيلنا .
الى ان وجدت ضوء في اخر النفق و الحمد لله وها انا احاول نشره للجميع و اتمنى ان يصل صوتي و اساهم في نشر الوعي عن هذه المشكلة .
في البداية ماهو حجم المشكلة ؟
في حين ان افريقيا الام تعاني من مشاكل كثيرة في مجال الانتاج الزراعي فان هذه هي احدى هذه المشاكل .. فبسبب اننا :
نعتمد على الذرة الشامية و الفول السوداني و الذرة الرفيعة و الدخن في غذائنا و
نعاني فقرا في التنوع الغذائي في كثير من المناطق
وكذلك لاننا لا نمتلك الوسائل المناسبة و البنية التحتية المؤهلة لتخزين المحاصيل بشكل افضل
ولاننا لا نتملك ارضا غير ارضنا ..
فهذه المشكلة من اهم مشكلاتنا .
فالفطريات التي تنتج هذه السموم موجودة في تربتنا بشكل طبيعي وهي ليست مؤذية بحد ذاتها الا اذا نمت على المحاصيل و انتجت سمومها المسماة ( الافلاتوكسينات ) و تراكمت هذه السموم داخل النباتات و بالذات المحاصيل مثل الفول السوداني و الذرة و الذرة الرفيعة و الدخن . اي انها قد تصيب معظم مخزوننا الغذائي فهي نفس المحاصيل التي نعتمد عليها في غذائنا.
ماهي الوسائل القديمة المقترحة ؟
اقترحت المنظمات الدولية و العالمية تغييرات كبيرة و جذرية لحل هذه المشكلة و تم ذلك بعد ان تعرضت كثير من شحناتنا الى الرفض بسبب تلوثها بكميات من هذه السموم وكانت باختصار شديد كالتالي
1– تغيير كبير جدا في وسائل التخزين لان الرطوبة و سوء الظروف التخزينية تجعل الفطر ينمو بشكل اكبر في المحاصيل وهو الشكل الظاهري من العفن. ( مشكلة بنية تحتية و تكاليف اقتصادية )
2- محاولة تغيير هذه المحاصيل بمحاصيل بديلة لان هذه المحاصيل التي نفتخر بها في بلادنا هي الاكثر عرضة للاصابة بهذه الفطريات ( مشكلة لوجسيتية تتعلق بتغير الثقافة الزراعية و الغذائية )
3- محاولة تغيير مناطق الزراعة من منطقه تربتها تحمل هذه الانواع من الفطريات الى بيئة اخرى لا تحملها (مشكلة جغرافية )
وبالطبع كل هذه الحلول كانت مناسبة نظريا و لكنها صعبة الهضم خاصه في البلدان النامية
ماهو الخبــر الحالي ؟
بعد ان فهمت عزيزي القارئ حجم المشكلة .. ستتفهم الان الحل و تقدر عبقريته و اهميته :
اعتمد التطور الجديد على فكرة عبقرية جدا و هي المكافحة الحيوية ( البيولوجية ) و هي ببساطة كالتالي :
1- ان وجود الفطريات مهم للتربة و لا يمكن الاستغناء عنها .
2- وجود اكثر من نوع من الفطريات في نفس المكان يجعلهم يتنافسون على الغذاء و بالتالي قد يهزم نوع الاخر و يحل محله .
3- الفطريات انواع و اصناف كثيرة و عوائل , و بالتالي يمكن تواجد نوعين من نفس العائلة احدهم ينتج سما والاخر لا ينتج هذا السم .
بالاعتماد على هذه المقدمات الثلاثه قام الباحثون بطرح هذه الفرضية . ؟
ماذا لو وجدنا فطريات لا تنتج السموم من نفس عائلة الفطريات التي تنتج السموم ثم اضفناها للتربة .. فهل ستحل الفطريات الحميدة مكان السامة و بالتالي نكون حصلنا على نفس التربة و لكن بدون فطريات سامة ؟
وبعد البحث و لحسن الحظ وجد العلماء ضالتهم .. ليس نوعا واحدا من الفطريات .. ولا اثنين .. بل مجموعات كبيرة منها.