(الديمقراطية الثانية)
مواصلة لما سُرِد في الجزء الأول عن تاريخ السودان الحديث، والذي انتهى بإستقالة الفريق إبراهيم عبود وحل المجلس العسكري.. بدأ السودان في دخول مرحلة الديمقراطية الثانية بتعيين مجلس السيادة السوداني.
مجلس السيادة السوداني الثاني :
حكم مجلس السيادة الثاني السودان لفترة انتقالية ما بين 21 أكتوبر 1964 وحتى 8 مايو 1965، وتكوّن من خمسة أعضاء. وانتهت فترته بعد إجراء انتخابات نيابية عامة، كانت الثالثة في تاريخ السودان. ومن أعضاء المجلس :
. الدكتور عبد الحليم محمد
. لويجي أدوك
. إبراهيم يوسف سليمان
. الدكتور مبارك الفاضل شداد
. الدكتور التجاني الماحي
وقد رشح حزب الأمة سر الختم الخليفة لرئاسة الحكومة الانتقالية،هذا فيما أبدت حكومته تسامحا في التعامل مع المعارضين والجنوبين وضمت في عضويتها اثنين من أبناء الجنوب، وأعلنت العفو العام عن المتمردين ودعت إلى مؤتمر حول المشكلة عرف بمؤتمر المائدة المستديرة الذي إنعقد في مارس 1965 م، بمدينة جوبا بجنوب السودان بهدف إيجاد حل لمشكلة الجنوب. وكان موقف الجنوبيين من القضية أثناء المؤتمر تتنازعه رؤيتان الإتحاد والانفصال. انتهى المؤتمر بتأسيس لجنة الإثني عشر، التي تكونت من الأحزاب السياسية المشاركة. واضطر سر الختم خليفة للاستقالة ووعدت الحكومة بإجراء انتخابات عاجلة قبل يونيو 1965.
وبإجراء الانتخابات العاجلة في الشمال مستثنية الجنوب لأسباب أمنية، انتهت الحكومة الانتقالية لسر الختم خليفة وبدأت ما سمي الحكم الديمقراطي الثاني في السودان بقيادة محمد أحمد محجوب.
أجريت الانتخابات البرلمانية في السودان في 21 أبريل و 8 مايو 1965. وبسبب الحرب الأهلية تركت المقاعد في جنوب البلاد شاغرة حتى الانتخابات الفرعية في 8 مارس و 18 أبريل 1967. وكانت النتيجة بمثابة انتصار ثانٍ متتالي لـ حزب الأمة الذي حصل على 90 من أصل 173 مقعدًا وكانت نسبة المشاركة 58.1 ٪.
مجلس السيادة السوداني الثالث :
حكم مجلس السيادة الثالث السودان “بعد إجراء الانتخابات البرلمانية” ما بين عامي 1965 حتى 1967، وتكوّن من خمسة أعضاء، وجرى التعديل على أعضاءه مرة واحدة، حيث خرج منه عضوان وجاء آخران ليحلا بدلًا عنهما.
التشكيلة الأولى :
. إسماعيل الأزهري
. خضر محمد.
عبد الفاضل المهدي
. عبد الحليم محمد
. لوبجي أدوك
التشكيل الثانية :
فيلمون ماجوك
. عبد الرحمن عابدون
. إسماعيل الأزهري
. خضر محمد
. داؤود الخليفة عبدالله
و على صعيد السياسة الخارجية نشطت حكومة محمد أحمد المحجوب عربيا، فاستضافت القمة العربية الرابعة في أغسطس 1967م عقب النكسة و التي عرفت بقمة اللاءات الثلاثة.
الصادق المهدي ورئاسة الوزراء :
انُتخب الصادق المهدي رئيسا لحزب الامة، لكن اختلف مع عمه الإمام الهادي المهدي مما أدى إلى انشقاق في حزب الأمة. ضغط الصادق على رئيس الوزراء محمد أحمد محجوب للاستقالة حالما بلغ الصادق العمر القانوني المطلوب لرئاسة الوزراء، ثم تولى رئاسة الوزراء عن حزب الأمة في حكومة ائتلافية (هي الحكومة التي تشترك فيها عدة أحزاب) مع الحزب الوطني الاتحادي في 25 يوليو 1966م- خلفا للسيد محمد أحمد محجوب الذي قاد جزء من عضوية حزب الأمة بالبرلمان للمعارضة.
ومن المشاكل التي واجهت حكومة الصادق المهدي، هي مشكلة الحزب الشيوعي، حيث اتهم الإخوان المسلمون أحد أعضاء الحزب الشيوعي السوداني بالإساءة إلى الإسلام في اجتماع عام. وقامت مظاهرات دعت إلى حل الحزب الشيوعي السوداني وانتهت بقيام الحكومة بطرح الموضوع في البرلمان الذي أجاز بأغلبية مشروع قرار يدعو إلى حل الحزب الشيوعي وحظر نشاطه وطرد نوابه من البرلمان بسبب ما أبداه الحزب من فكر إلحادي، وتعديل الدستور المؤقت على نحو يتيح تنفيذ القرار الذي لم يكن ممكنا في ظل الدستور المؤقت. لجأ الحزب الشيوعي إلى المحكمة العليا وأثار دعوى قضائية ضد شرعية قرار الحكومة التي حكمت لصالحه يؤكد عدم دستورية قرار الحكومة وبطلانه، لكن حكومة الصادق المهدي تجاهلت حكم المحكمة العليا ومضت في تنفيذ قرارها. وفي يناير 1967 م، شارك الحزب الشيوعي في الانتخابات العامة تحت اسم الحزب الاشتراكي التفافا على قرار الحظر.
مجلس السيادة السوداني الرابع :
وجاء المجلس إثر ائتلاف حزبي جديد أُقيم في السودان. حكم مجلس السيادة الرابع السودان ما بين عامي 1967 حتى 1969، وتكوّن من خمسة أعضاء يتمثلون في :
. الفاضل البشري المهدي
. داؤود الخليفة عبدالله
. إسماعيل الأزهري
. خضر محمد
. جيرفس ياكهذا وقد تولى إسماعيل الأزهري منصب رئيس مجلس السيادة”الدائم” منذ عام 1965م هذا إلى جانب تعيين محمد أحمد محجوب مرة ثانية لرئاسة الوزراء في عام 1968م ، وشهدت الفترة الأخيرة من حكم المدنيين مؤامرات التي تضم في معظمها، فصائل الجيش المدعومة من قبل الحزب الشيوعي السوداني، أو القوميين العرب، أو الجماعات الدينية المحافظة، مما مهد لانقلاب نميري الذي جاء على أساس أن السياسيين المدنيين شلوا عملية صنع القرار، وفشلوا في التعامل مع مشاكل البلاد الاقتصادية والإقليمية، وتركوا السودان دون دستور دائم.
مجمل القول أن الساحة السياسية في فترة الديمقراطية الثانية في السودان لم تشهد استقرارا سياسيا بجانب صراعات الأحزاب، أيضا لم تجد حلا لمشكلات السودان الثلاثة، فهل سيكون للعسكر دوراً فعالا في حل مشكلات السودان والاستقرار السياسي؟ هذا ماسنعرفه في الجزء القادم.
1 تعليق