لقد مر السودان بعدة مراحل تاريخية ، من أهمها مرحلة “تاريخ السودان الحديث” التي بدأت في عام 1956م عقب استقلال السودان ورفع العلم في الأول من يناير، حيث أن الإستقلال من سيطرة المستعمر جاء بعد جهود حثيثة من مختلف الأحزاب والكيانات التي تتمثل في حركة اللواء الأبيض، وعبد الفضيل ألماظ، إلى جانب مؤتمر الخريجين.
الحكم الأول في السودان(بقيادة مدنية) :
بعد أن قادت الأحزاب السودانية – بزعامة إسماعيل الأزهري – السودان إلى الاستقلال فشلت في الاتفاق على أي صيغة توفيقية بينها حول نظام الحكم والدستور واستمر الخلاف لعدة سنوات بعد الاستقلال .
كما أن الحكومة أخفقت في إيجاد حل لمشكلة جنوب السودان هذا إلى جانب تردي الأوضاع الإقتصادية في تلك الفترة مما مهد لتدخل الجيش لإقصائها من الحكم.
الحكم الثاني في السودان (بقيادة عسكرية) :
بعد أن تفاقمت الخلافات بين الأحزاب السياسية شهد السودان أول انقلاب عسكري برئاسة الفريق إبراهيم عبود في عام1958م، وكان إنقلابه في الحقيقة استلاماً للسلطة من رئيس وزرائها آنذاك عبد الله خليل، وقد كانت خطوة تسليم رئيس الوزراء السلطة للجيش تعبيراً عن خلافات داخل حزبه، وخلافات مع أحزاب أخرى.
وقد حاولت الحكومة العسكرية أن تتصدى للمشاكل الأساسية الثلاثة للبلاد. وحينما استلم الفريق إبراهيم عبود السلطة أوقف العمل بالدستور، و ألغى البرلمان، وقضى على نشاط الأحزاب السياسية، و رأت الحكومة بأن مشكلة الدستور يمكن حلها بالاهتمام أولاً بالحكم المحلي. أي البدء بإرساء قواعد الديمقراطية على المستوى المحلي ونشرها بين الناس، وقد تم تشكيل لجنة وزارية لدراسة نظام للحكم المحلي في عام 1959م، وتم تأجيل صياغة دستور دائم للبلاد لتجنب نقل السلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يترأسه الفريق عبود إلى برلمان منتخب.
وبدور الحكومة لإيجاد حل لمشكلة جنوب السودان قامت الحكومة بالعديد من المهام حيث أنها اتبعت منهج عسكري فقامت بتعيين بعض السياسيين الجنوبيين في مناصب قيادية كتعيين (سانتينو دينق) وزيراً للثروة الحيوانية. كما تبنت ثورة 17 نوفمبر سياسة قطع الدعم الأجنبي عن المتمردين من خلال وقف أنشطة الإرساليات التبشيرية المسيحية التي تم اتهامها بتأجيج النزاع وتغذية الاختلافات من خلال عمليات التبشير والتنصير في الجنوب، ومن الأسباب التي أدت إلى اشتعال الحرب الأهلية في الجنوب ففي عام 1963م نشطت المعارضة الجنوبية في المنفى و برز حزب (سانو) الاتحاد السوداني الإفريقي الوطني بزعامة (جوزيف لاقو) كداعية إلى استقلال الجنوب، في حالة رفض الشمال الاتحاد الفيدرالي كحل للمشكلة.
لم تتم الاستجابة لمبادرة لاقو، واستمر التصعيد من الجانبين مما أدى إلى اشتعال الحرب الأهلية في الجنوب. علاوة على ذلك قامت الحكومة باتخاذ خطوة فاقمت من المشكلة حيث عملت على أسلمة وتعريب الجنوب، فكل هذه المشاكل أدت إلى تدهور الأوضاع في الجنوب.
وفي جانب التنمية عملت الحكومة على تبني خطط تنموية شملت البنيات الأساسية مثل مد خطوط السكك الحديدية، والتوسع في قطاع الزراعة من خلال إنشاء مشاريع لتنمية الأرياف، والمناطق النائية.وتم توقيع اتفاقية جديدة مع مصر لتقاسم مياه النيل أدت إلى رفع حصة السودان إلى 11 مليار متر مكعب من المياه وذلك في إطار صفقة شملت بناءالسد العالي والسماح بتدفق مياه بحيرة السد إلى داخل حدود السودان و إغراق حلفا القديمة.
ومن الأسباب التي أدت إلى سقوط حكومة إبراهيم عبود أن الأحزاب السياسية قامت باستغلال مشكلة جنوب السودان و نادت بمعارضة الحكومة من خلال تصريحات زعمائها وكوادرها خاصة في الجامعات والمعاهد العليا. و انطلق الحراك من جامعة الخرطوم في شهر أكتوبر على إثر إطلاق الشرطة النار على الطالب( أحمد القرشي طه) خلال تجمع طلابي، وتحول موكب تشييع القرشي إلى مظاهرة حضرها حوالي 30 الف شخص، تبعتها مظاهرات مماثلة في مدن أخرى كبيرة بالبلاد.
بناءاً على تزايد الأحداث الأخيرة بوتيرة متسارعة، وإضافة إلى غضب الشارع العام؛ أعلن الفريق إبراهيم عبود عن إستقالة حكومته وحل المجلس العسكري، وقد وافق على تشكيل حكومة انتقالية برئاسة سر الختم الخليفة. بقي الفريق عبود كرئيس للدولة حتى حل محله مجلس رئاسي يتكون من خمسة أعضاء لتبدأ فترة الديمقراطية الثانية.
2 تعليقات