عَرِفَ السودان بحكم موقعه الجغرافي ،وتعدد أعراقه، فضلاً عن إتساع رقعته الجغرافية، ولكونه رابطاً بين قارات العالم القديم وطريقاً للقوافل؛ العديد من الديانات على مدى تاريخه الطويل.
و وفقاً لديودورس-المؤرخ اليوناني المعروف- فإن السودانيين كانوا أول الخلق على وجه البسيطة،وأنهم أول من عبد الآلهة وقدَّم لها القرابين.
وإعتنقت المجتمعات السودانية القديمة -كغيرها من معاصراتها- الوثنية ، وتدينت بها وإتخذت من الملوك و بعض الظواهر الطبيعية معبودات لها، وكان المعبود الأول في النوبة هو الإله (أبيدماك)،وتأثرت المملكة الكوشية بالحضارة المصرية فإتخذت بعض الآلهة الفرعونية كمعبودات كالإله (آمون) الذي تطورت بعد ذلك أشكال عبادته إلى شكل إنسان و رأس كبش خاصة في عهد المملكة المروية،وتوجد العديد من الدلائل على أنه كان المعبود الرسمي في المملكة النوبية، فضلاً عن الآلهة الأخرى التي وجدت آثارها لاحقاً،مثل: حورس و رع وأنوبيس وايزيس وغيرها،وأعتبر حكام كوش حراساً لدين الدولة ومسؤولين من الحفاظ على منازل الآلهة والمعابد،وقد آمن الكوشيون بالحياة بعد الموت لذلك بنوا مقابر تدل على عودة الروح إلى الجسد بعد الموت وكانت قبور موتاهم كأنها غرف،توضع فيها مع جثة الميت كل ما يحتاجه في حياته الأخرى، وكانت مقابر الأغنياء تختلف عن مقابر الفقراء من حيث إتساعها ومحتوياتها. وتعد الأهرامات(مقابر ملوك كوش) من أعظم الآثار الموروثة من إنسان العصور المتقدمة.
إستمرت الأديان الوثنية في بلاد السودان حتى دخول المسيحية إليها تدريجياً في القرن الثالث الميلادي حتى إنتشارها في منتصف القرن السادس الميلادي لتكون بذلك أول ديانة سماوية يعتنقها سكان الأجزاء الشمالية و الوسطى من السودان نتيجة للحملات التبشيرية المرسلة من مصر. مما أدى لقيام ما يعرف بالممالك المسيحية في السودان وهي مملكة نوباتيا وعاصمتها فرس، و المقرة وعاصمتها دنقلا العجوز، و علوة وعاصمتها سوبا، وهي الممالك التي مثلت امتداداً لمملكة مروي التي إنهارت على يد عيزانا ملك أكسوم الحبشية، وحولت الهياكل والمعابد التي كانت سائدة آنذاك إلى كنائس.
إرتبط دخول الإسلام في السودان بالهجرات العربية الإسلامية المتفاوتة نظراً لموقع السودان المتميز والمناخ المشابه نسبياً لمناخ شبه جزيرة العرب الذي دفعهم للإنحدار جنوباً من مصر ثم إتجهت سياسة المسلمين بعد أن تم فتح مصر إلى غزو بلاد النوبة، فكانت أولى محاولات الفتح عن طريق عقبة بن نافع في عهد عمرو بن العاص والي مصر، وتكبدوا فيها خسائر فادحة لشدة مقاومة النوبيين وإجادتهم لرمي النبال، ثم جاء عبد الله بن سعد بن أبي السرح معاوداً الكرة وتمكن جنوده من التوغل جنوباً حتى دنقلا وإنتهت تلك الحملة بمعاهدة عرفت بصلح(البقط) يدفع مقابلها ملك النوبة-قليدروت-الجزية لبيت مال المسلمين مقابل إلتزام المسلمين بوقف القتال وعدم غزو الأراضي النوبية،وفي عهد الملك مرقوبوس ملك النوبة الأرثوذكسي،دخل المسلمون بلاد النوبة وصاهروا ملوكهم فكانت تلك بدايات التمازج بين النوبيين والعرب.
إستمرت المعاهدة بين المسلمين والنوبة ردحاً من الزمن حتى بدأت بعض الجماعات النوبية بشن غارات على صعيد مصر عام 823 هجرية في عهد المماليك مما إضطر الظاهر بيبرس لغزو مملكة المقرة وضمها لسلطته وإستمر تدفق العرب جنوباً حتى جاوروا مملكة علوة المسيحية،ثم إتحد العرب بقيادة عبد الله جماع مع الفونج بقيادة عمارة دنقس وهاجموا علوة ودخلوا سوبا وخربوها خراباً أصبح مضرباً للأمثال (خراب سوبا) عام 1504م معلنين بذلك قيام أول سلطنة إسلامية في السودان عرفت بالسلطنة الزرقاء.
2 تعليقات