الهوية السودانية

الهوية السودانية عبر التاريخ 

ذكر  بروفيسور أحمد إبراهيم دياب في كتابه (الهوية السودانية عبر التاريخ، دراسة تأصيلية) كتب تحت عنوان ( هوية أو قومية).

تمازجت الأعراف والأجناس وامتزجت الدماء الحامية والزنجية والسامية؛ فكان نتاجها هذا العنصر الذي يمثل قومية واحدة هى القومية السودانية التي تكونت من القبائل النوبية، والنيلية، والنوباوية، والحامية النيلية، والعربية، والبربرية، والتي انصهرت بينها الديانات السودانية، والمصرية القديمة، والإفريقية، والمسيحية، والإسلام فخلفت العادات والتقاليد التي نسير عليها ونسميها الثقافة السودانية، والتي نفخر بها والتي لا هي بعربية أو بأفريقية بل سودانية نسيجة وحدها.

فالسودان له منظومته الفريدة به، أي أنه بعيد بخلقه وبقيمه وتراثه وثقافته، عن الاثنين وجامع للاثنين معاً وذلك منذ بدء التاريخ وليس وليد الإستعمار أو الحركة الوطنية والإستقلال ، فالسودان سواء كان من الجنوب أو الشمال من الشرق أو الغرب جعلياً أو دينكاوياً، شلكاوياً أو نوبياً، أو مذارويا، أو هدندوياً أو دهمشياً يتخلق بأخلاق وقيم واحدة هى قيم وأخلاق القومية السودانية.
أن القومية السودانية روح وجوهر بقدر ما هى شكل وتعبير، وهي صورة متعددة الجوانب لا تستبين بالتجزئة والتشتت، وهى أفق واسع الأرجاء لا تنتهي في ظلمات التحيز السياسي والعصبية القبلية الضيقة والتشنج الديني والعنصري؛ وهى نبات طبيعي في كل شبر من أرض السودان له جذوره العميقة ومنافذه التي يستقبل منها الشمس والهواء، فهل استطاع السودانيون طوال 40 عاماً وأكثر وضع فلسفة أو منهاج لقوميتهم، ورؤية لهويتهم، ومسار شخصيتهم، وتجلياتها للناس عامة ولأطفالهم خاصة.

هل استطاع السياسيون في أحاديثهم واجتماعاتهم الطويلة على مر الليالي، والأيام وفي لياليهم السياسية، والمعلمون في معاهدهم وبين تلاميذهم وطلابهم، والباحثون في أقوالهم وبحوثهم وكتبهم وفي بروجهم العاجية العالية، والصحفيون في لهثهم وضجيجهم وضوضائهم.. هل استطاع كل هؤلاء وغيرهم من فصائل المثقفين أن يصلوا إلى حقيقة وأطر هذه الهوية وأن يضعوها في موضعها الطبيعي الذي يعينها على القوة والإزدهار والوحدة والتماسك).
بروفيسور أحمد دياب طرح هذا التساؤل وأثبته في كتابه (الهوية السودانية عبر التاريخ.. دراسة تأصيلية) منذ فترة  فماذا فعلنا؟ لم نغادر محطات المغالطة.. بل تبلورت بعض الآراء وتحولت إلى مواقف وأصبحنا نسمع عن محاور الشمال المسلم العربي، والجنوب المسيحي الزنجي، والنوبا أهل حضارة نبتا (ونوباتيا)، والبجا أبا تاريخ السودان..  يحدث هذا بالرغم من أشعار الشعراني، وصلاح أحمد ابراهيم، ومحمد الفيتوري، ومحي الدين فارس، ومحمد عبد الحي وغيرهم.. غيرهم كثر.
ولذا أقول أن فتح ملف الهوية وإعادة قراءة التاريخ أمر واجب الإعتبار . صلاح أحمد ابراهيم قال:
الفور والفونج
وكل سحنة فاحمة وشفة غليظة
وشعر مفلفل ذر على اهاب حقيقة عارية
كالفيل كالتمساح
كالمنيف فوق كسلا
سليطه الجواب
كذاب الذي يقول في السودان
أنني الصريح.. جدي الرسول
أنني النقي العرق.. أنني المحض
أنني الشريف النسب
أزرق الدم
أجل كذاب
الفيتوري قال:
أنا لا املك شيئاً غير إيماني بشعبي
وبتاريخ بلادي
وبلادي في أرض إفريقيا البعيدة
هذه الأرض التي أحملها ملء دمائي
والتي أنشقها مثل الهواء والتي أعبدها في كبرياء
هذه الأسطورة الكبرى بلادي.
نتمنى أن يندثر التعصب الديني والعرقي في الوطن الحبيب السودان، وأن ينعم بالرخاء والأمن والإستقرار.

Related posts

إشكالية إدارة التنوع الثقافي في السودان

الديمقراطية للديمقراطيين

جرائم عبر القرون ج (10)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...