الهوس الديني والثقافي (1)

هل نحتاج  أن نثبت أن مساحة الحرية والتعددية الثقافية وحرية النشر هي القاعدة التي جعلت ثقافة الغرب هي منارة ثقافية
ترسخت فينا وأننا نحلم أن تنعكس بكل ثرائها في واقعنا الثقافي؟
يدعي بعض المثقفين والمشايخ تحديداً، التفوق في كل ما قدموه من طرح، والويل لمن يعترض على فكرهم أو ظهور طرح يعارض تفكيرهم.
يتخيلون أنهم أصحاب الرأي والفكر الذي لا رأي قبله ولا فكر بعده، هم المسيطرون على الرأي العام لمسيرة الثقافة، هم الناطقون باسم الشعب  والمعبرين بشكل عام عن تطلعات مجتمعاتهم المستقبلية بكل امتداداتها الإنسانية.
المنطق السليم ! يفترض أن يساند كل منهم الآخر للسير إلى الأمام، تلك النظرة الدونية للآخرين نمت على قاعدة لا تختلف كثيرا عن الفكر القبلي، حتى لو سمي ذلك الفكر بتنظيم سياسي.
الاشكالية ان الموضوع  يصل لدرجة الهوس لفرض السيطرة على الآخرين وعلى مجمل الحياة الثقافية، وكل ذلك بسبب رؤيتهم النرجسية الواهمة لمكانتهم المميزة في مجتمعاتهم
للأسف نحن نعاني من أمية مثقفين وانتشار طبقة المتثاقفين يعرضون محاسنهم الفكرية مثل نجمات السينما
يا ليت محاسنهم بنفس المستوى لكننا عذرناهم !!
أيضاً التنظيمات السياسية في ثقافتنا مارست نهجا لا يمكن ربطه بالمفاهيم الإنسانية للثقافة، فنمت لدى البعض الأوهام بالتميز وانهم هم الخلاص، و أن ذلك يقوي مكانتها داخل مجتمعها ويعزز روح المنافسة على الأصوات الانتخابية فيما بعد !!
ربما في مرحلة ما كان يمكن تبرير هذا التصرف، لكن مع انتشار الثقافة والوعي وانتشار التعليم وإمكانيات النشر أضحى هذا النهج نهجا سلبيا مثيرا للسخرية، بتمسك البعض بأوهام التميز، وهذا يعكس ان تفكيرهم دون المتوسط أو أقل !! وان مرجعيتهم فيها خلل وأن أفكارهم مبعثرة !! لكن ينخدع بها من لا يعلم ولم يتعلم وينقاد لهم دون إدراك !!
هذه الظاهرة تجاهلت العديد من المفكرين، الأمر الذي يوجب إعادة تقييم مسيرتنا الثقافية بالتجرد من ربطها بالتنظيمات السياسية والدينية والترويج الإعلامي الذي مارسته لغسل عقول الشباب !!
 لذلك نجد الكثير من المفكرين يضطرهم الزمن للهجرة إلى الدول الغربية، حيث يمارسون نشاطهم الثقافي والفكري والنقدي بحرية لا تتوفر لهم في أوطانهم بسبب سيطرة أصحاب الهوس الديني والثقافي.

Related posts

السودان ما بعد الإتفاق الإطاري

قد نتفق أو لا نتفق

حوار الطرشان

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...