الدراس و المتابع لتاريخ السودان و لما توصل إليه العلماء و الباحثين من عظمة و مجد تليد خلفته لنا الحضارة النوبية في أرض السودان، يلاحظ الإهمال – ربما غير المقصود – لأحد الجوانب المهمة لدراسة الحضارات و ثبر أغوار التاريخ ألا وهو جانب الميثولوجيا.
علم الميثولوجيا هو مفهوم يطلق على علم الأساطير، و الذي يختص بالقصص التاريخية القديمة التي ترتبط ارتباط وثيق ببعض الثقافات والمجتمعات القديمة.
و للحديث عن الميثولوجيا في السودان لابد أن يكون مبدأ حديثنا عن الميثولوجيا النوبية، التي كانت في مراحلها الأولى مثل شبيهتها – الميثولوجيا المصرية – تعتمد على تعدد الآلهة أو ما يعرف بـ (النترو) و التي يمكن تعرفيها بأنها كائنات إلهية أو مخلوقات عليا أو قوى كونية سخرها الإله لإدارة الكون، و من النترو التي نجدها مشتركة بين الميثولوجيا النوبية و المصرية نجد كل من :
اوزريس، إيزيس ،حورس و آمون رع ،تحوت ، خنوم، و غيرها.
و ظلت هاتين الميثولوجيين بهذا التطابق حتى تمايزت فيما بعد إلى ميثولوجيا مصرية و ميثولوجيا نوبية.
بدأ هذا التمايز عندما قام النوبيون بتصوير الإله آمون على هيئة كبش و الذي سُمي فيما بعد بـ(آمون النبتي) نسبة إلى نبتة عاصمة كوش، و ذلك مخالفةً لآمون طيبة الذي كان يُصور على هيئة إنسان.
و تطور الأمر جداً في العهد المروي حينما تفرد النوبيون بالإله آبيدماك و الذي وصفوه بأنه إله الحرب و الدولة و القوة و السلطة، و قد صوروه بجسد إنسان له رأس أسد و يرتدي لامة الحرب، و قد اعتبروه جالب النصر و هازم الأعداء، و قد خُصصت له عدة معابد أشهرها معبد الأسد بالنقعة بولاية نهر النيل حالياً.
و من أبرز معالم الميثولوجيا النوبية جبل البركل أو الجبل المقدس.
حيث يعتقد الكوشيون و المصريون على حد سواء أن الحياة على كوكب الأرض قد بدأت عند جبل البركل.
لذلك نجدهم قد شيدوا بالقرب من ذلك الجبل حوالي ثلاثة عشر معبداً أبرزها معبد الإله آمون و معبد الالهة موت المنحوت داخل الجبل، هذا بالإضافة إلى 3 قصور كانت تستخدم في تتويج الفراعنة، و العديد من الأهرامات مثل هرم الكنداكة أماني ريناس؛ حيث أن هذا الجبل كان يمثل مركزاً مهماً للحياة الدينية في كوش على مر التاريخ.
آمن قدماء كوش بالعديد من المسائل الغيبية مثل الحياة الآخرة، و هنا نأخذ على سبيل المثال جبانة كرمة التي احتوت على 30.000 مقبرة دفنت وفق طقوس لها دلالات على معتقدات قديمة كانت سائدة.
حيث كان يتم دفن المتوفي و وضعه على (عنقريب) و هو سرير خشبي محلي الصنع – في الأصل ينطق ⲀⳞⳞⲀⲢⲈ باللغة النوبية-، و يوضع في وضع القرفصاء على جانبه الأيمن على أن يكون الرأس باتجاه الغرب.
و كان يُدفن مع المتوفي العديد من متعلقاته الشخصية و بعض الأشياء التي كانوا يعتقدون أنها قد تساعده في الحياة الأخرى.
Copyright secured by Digiprove © 2020 Ashraf Eltom
6 تعليقات
ابداااااااااع😍…. اتمنى منك المزيد 😍
ابداااااااااع😍…. اتمنى منك المزيد 😍
مقال ممتاز ونتمنى التوسع اكتر في الاساطير وانعكاسها ع ثقافة المجتمع حديثا ومدى اتساق وتنافر بعضها للاديان
ياسلام 😍على المعلومات الرائعة ☺️☺️شكلي ححب التاريخ من كتاباتك دي 😂
التاريخ يبتسم حين يُسطر بقلمك ♡♡
بالتوفيق ليك يارب ومشكور ع المعلومات