الخرطوم: فاطمة أمين
نعلم جميعنا حجم الضرر الذي اصاب ضحايا الفيضانات في شتى انحاء البلاد لا سيما ولاية الخرطوم والتي لم يسبق لها تاريخ حديث يحتوي حجم الضرر الآن ، اذا اخذنا على وجه الخصوص منطقة الكلاكلة القبة التي كان لها
نصيباً عظيماً من الخسارات الفادحة في المنازل والممتلكات .
منذ أن سمعنا بفيضان الكلاكلة القبة قمنا بزيارة تلك المنطقة المنكوبة ، فلم نجد سوى بعض المنازل المهدمة والمياه تغمرها بأرتفاع متر أو يزيد ، أردنا ان نتحدث مع الأهالي فلم نجدهم ، أحدهم قام بتوجيهنا الى معسكر قامت السلطات بنقل المتضررين اليه وهو ما يسمونه ميدان الرابطة بنفس المنطقة .
تبدو الحياة في ميدان الرابطة بالكلاكلة القبة بائسة اذ يقطن ضحايا الفيضانات في مخيمات لا تقي من برد ولا حر بعد ان فقدوا مئواهم فتشردوا واصبحوا بلا مأوى، الأطفال اكثر المتضررين لصغرهم فهم لا يتحملون درجات الحرارة العالية ، اضافةً لانعدام دورات المياه بالمعسكرات فأما ان يذهبوا الى المدرسة القريبة الى المخيم والتي اغلقت ابوابها مؤخراً بعد امتلائها ، أو المركز الصحي الذي يبعد امتاراً من المخيمات اذ يُسمح لدخول النساء فقط.
ما لفت انتباهنا مرور عدد من الاشخاض يحملون طعام ويوزعونه على الخيم ، علمنا فيما بعد انها وجبة الأفطار توزعها لجان المقاومة او الجهة المسؤولة عن المخيمات وهي ثلاثة وجبات حسب افادة سكان الخيم، بعض منهم رأى فينا المنقذ لنكبتهم فشكو لنا عدم حصولهم على اي دعم من فاعلين الخير رغم زيارة فاعلي الخير والجهات الخيرية ولكن لا يحصلون على شيء من ذلك فجميعها تذهب الى داخل المعسكر للجهة المسؤولة منهم.
فتاة تدعى ريان في مقتبل العمر تحمل طفلة لا يزيد عمرها عن عامين بجانبها زوجها الذي ربما استحى من فرط ضعفه وعدم مقدرته لفعل شيء لزوجته وابنته ففضل الخروج من الخيمة ، علمت من ريان انها تقطن في تلك الخيمة اسبوعين على التوالي، تلك الخيمة الصغيرة التي يعتبرونها مأوى لهم بعد ان حطم الفيضان منزلهم فما كان لريان سوى اللجوء للمعسكرات وهي المخيمات التي شيدتها لهم السلطات المختصة ، تسترهم من اشعة الشمس المباشرة فقط، فالطقس داخل تلك المخيمات حار جداً وهذا ما دفع طفلة ريان للبكاء طيلة فترة تواجدنا، اضافةً الى اصابتها بحساسية تغطي جسمها وعند سؤالي لوالدتها عن سبب تلك الحساسية اجابتني انها ربما تكون بسبب ارتفاع درجة الحرارة وأشعة الشمس الحارقة، كان لريان منزل يسترها من اشعة الشمس ومن البرد والحشرات والأمراض ، ولكن شاءت الاقدار ان يتحطم منزلها بسبب الفيضان الذي قضى على جميع منازل الحي بالكلاكلة القبة مربع واحد.
كانت ملامح الحزن تسيطر على تلك الفئة التي تترقب في صمت من يمد لهم يد العون فهم في أمس الحاجة لأي مساعدة اي ً كان نوعها ، عند دخولك لأحد الخيم تجد الأهالي يجلسون على الأرض ، اغلبية سكان الكلاكلة القبة دمرت الفيضانات منازلهم منهم من نفذ بجلده تاركاً وراءه اغراضه وملابسه واثاث منزله للفيضان ، ومنهم من استسلم لأمره وبقى الى جوار منزله يحرثه ويرجى من الله الفرج .