366
بقلم : فاطمة أمين
عندما فرضت السلطات قرار حظر السفر بين الولايات في 23 مارس الماضي و أوقفت السفر من والى الخرطوم توقفت الحركة المعتادة في الميناء البري وغاب عنا المشهد اليومي المتكرر وأزمة المرور الحادة وزحام الباعة المتجولين وأصحاب المركبات الخاصة والضجة التي تحدثها البصات بدخولها وخروجها من الميناء وحركة المسافرين الكثيفة.
أصبح هذا المشهد غائبا تماما عن ساحة الميناء البري مما يعني أن هناك الكثير من العاملين توقف مصدر دخلهم لا سيما اصحاب الشركات والسائقين والمساعدين والموظفين وغيرهم ممن يسترزقون من ذلك القطاع.
إذ يعد القطاع النقلي بالسودان من أهم القطاعات التي لابد أن نسلط عليها الضوء، فالنقل هو عصب الحياة وهو بمثابة مشروع خدمي تقدمه شركات النقل للمواطنين.
قبل قرار إيقاف الرحلات كانت تخرج من الميناء البري في اليوم الواحد ما يفوق الثلاثة آلاف رحلة متجهة الى ولايات السودان المختلفة ولك أن تتخيل عزيزي القارئ كم المبالغ التي تعود من تلك الرحلات.
ما كان يغيب عنا كمواطنين أن نصف تلك المبالغ تذهب إلى خزينة البنوك وهي عبارة عن سداد أقساط البصات الملتزم بها المالك اتجاه البنك، ولكن بعد قرار الحظر توقف العائد تماما وأصبح أصحاب الشركات في حيرة من أمرهم عن كيفية سداد الأقساط الشهرية.
بدأت البنوك بمطالبة أصحاب البصات بالسداد والالتزام بالأقساط حتى في ظل ظروف الحظر وعدم تحرك البصات وقد وصلت المضايقات الى تهديدات بالحجز على البصات او السجن مما دفع مجموعة من مدراء الشركات التوجه بطلب للجهات المسؤولة يناشدهم فيه بمخاطبة البنوك وتأجيل الشيكات المجدولة الى حين فرج، فعلا خاطبت الجهات العليا البنوك بعدم مطالبة الشركات ولكن دون جدوى إذ عاودت البنوك مطالبة أصحاب البصات بالسداد العاجل للديون والأقساط.
(80%) من الشركات عليها أقساط من البنوك ومنهم من يتعدى الاثنين مليون جنيه قد تزيد أو تنقص من شركة لأخرى هذه المبالغ كانت تسدد من دخل الباص اليومي بخروج الرحلات إلى الولايات وعودتها، من المؤكد أن العائد كبير جدآ بخروج ثلاثة ألف رحلة من الميناء في اليوم الواحد، هذا يعني أن حجم الخسائر كبير جدا لهذا القطاع، يتأمل الكثير من ملاك الباصات التفات الجهات المسؤولة لحالهم وصرف تعويضات لهم تقديرا لأوضاعهم وإيقافهم عن العمل الذي نتج عنه تعطل عدد من الباصات وذلك لعدم تحركها وفقدان عدد من أصحاب الشركات المبتدئة لرأس مالهم هذا غير مطالبة البنوك وشركات الإسبيرات و أجور الموظفين و إيجار المكاتب والضرائب، كل هذه الميزانية كانت تسدد من عائد الرحلات اليومية، إذ كان لابد من حلول أخرى و وضع خطط قبل قرار الإيقاف حتى لا ينهار القطاع النقلي.
الجانب الآخر وهم العاملين بتلك الشركات من سائقين ومساعدين كانوا يأخذون أجورهم في اليوم من خروج الرحلة إلى الولاية المعنية أو عودتها وبعد الإيقاف تضررت تلك الفئة كثيرآ وفقدت مصدر دخلها منهم من لجأ إلى العمل في أعمال أخرى حتى تعود الباصات للعمل ومنهم من ينتظر عودتها على أحر من الجمر.
حتى المسافرين اتخذوا الحلول المؤقتة وهي العربات الملاكي التي تنقلهم الى الولاية المعنية لأداء أعمالهم بتذكرة تفوق الثلاثة الف جنيه قد تزيد او تنقص.
يتوقف ذلك على الولاية التي سيذهب لها المسافر وذلك بعد أن كان يدفع الشخص الواحد تذكرة لا تتعدى الـ مائتان وخمسون جنيها، اي أن المواطن اصبح سلعة تشترى وسط عدم رقابة من الجهات الرقابية.
لا شك أن الإجراءات الاحترازية التي وضعتها وزارة الصحة من أجل سلامة المواطنين كانت ضاغطة جدا على بعض الفئات كما ذكرناها فبعض العاملين لا يخافون ان يصابوا بوباء كورونا بقدر خوفهم من فقدان مصدر دخلهم او ذهاب رأس مالهم ومنهم من يعتمد على تلك اليوميات لتوفير أموالهم لقضاء حوائجهم الضرورية من علاج وتعليم وغيره أما أصحاب الشركات فكان لهم نصيب الأسد من الخسائر التي تكبدوها طيلة فترة الثلاثة شهور الماضية.