بعد وفاة ترهاقا عادت مصر للآشوريين، و عاد الحكم لأمرائها مرة أخرى، أما جنوب مصر لم يخضع للسلطة الآشورية، بل ظل مستقلاً. كما أن أهل طيبة كانوا يعبدون الآلهة سبن (ابنة بيي) و نائبتها آمون ريديس (ابنة تهارقا) و كذلك مدينة هليوبوليس كانت تحت النفوذ
الكوشي، و في نبتة فقد خلف تهارقا تانوتماني سنة 664ق.م و في إحدى الليالي ، رأى في منامه ثعبانين أحدهما عن يمينه و الآخر عن يساره و بعد أن استيقظ من نومه دعا المفسرين ففسروا الرؤيا بأنه سوف يحكم الوجه القبلي و الوجه البحري و سيتوج بتاجهما، ثم ركب البحر و سار نحو مصر، فكان كل من يمر بهم يرحبون بقدومه يهتفون و يتهللون فرحًا بقدومه، و هكذا حتى وصل إلى طيبة فخضعت له دون قتال و واصل زحفه حتى وصل إلى ممفيس فحارب أهلها حرباً شديدة و قتل منهم خلقاً كثيراً و دخلها عنوة و قتل أميرها نيخو عدوه الأول.
و بعد ذلك زار معبد بتاح والمعبود (سوخت) و انشرح صدره بهذا العمل هذا إكراما (لآمون نبتة) كما أمر بتوسيع معبد بتاح، أما بقية المدن فقد اجتمع أمرائها برئاسة بكرو و قدموا له فروض الولاء و الطاعة، ثم استأذنوه في الرجوع إلى بلادهم للقيام بواجب رعاياهم فأذن لهم. و بعد أن سمع آشوربانيبال بإستيلاء كوش على مصر مرة ثالثة ، قرر إرسال حملة إلى مصر لاستعادتها من الكوشيين، و بعد أن وصلت الجيوش الآشورية إلى ممفيس وجدت تانوتماني هارباً إلى طيبة لكن القوات الآشورية لاحقته فدخلت القوات مدينة طيبة و خربوها خرابا شديداً لم يحدث له مثيل صارت حكاية تحكى للأجيال ، و لم يكتفوا بتخريب طيبة بل أخذو منها كل نفيس، اأما تانوتماني لم يدخل معهم في معركة، حيث تراجع إلى كوش و استمر ملكه حتى توفاه الله و دُفن بجبانة الكرو،بالرغم من رجوع تانوتماني النهائي إلى نبتة إلا أن الأحداث في مصر ظلت تؤرَخ بإسمه حتى السنة التاسعة من حكمه، و في الواقع أن مدينة طيبة رغم ما أصابها من خراب و دمار من الجيش الآشوري إلا أنها ظلت تحت الحكم الكوشي بإدارة أمنتوحتب والاميرات الكوشيات شبؤنبت الثانية و أماني ريديس الثانية. أما مصر السفلى فقد خضعت لبسماتيك الأول الذي تمسك بولائه للآشوريين، ولكنه أظهر نواياه فيما بعد للاستقلال من النفوذ الآشوري، فقام بإرسال الأميرة نيتوكرس إلى طيبة حتى تخلُف الاميرات الكوشيات بعد وفاتها (سامية بشير دفع الله، ص88، 89) و هكذا إنتهى الحكم الكوشي على مصر بانتهاء حكم الأسرة الخامسة والعشرين، بعد أكثر من 50 سنة.