الصعوبات والفوضى 

لما كانت الصعوبات جزء لا يتجزأ من روتين الحياة ومُتغيراتها، كان من الواجب علينا تقبُلها ومُواجهتها بل وهزيمتها، لأن في هزيمتها والتغلب عليها انتصار، يحمل من السعادة والسكينة ما هو تغيير إيجابي بكل تأكيد، تغيير يأتي بعد زحام مجموعة من السلبيات عند طريق الحياة، فتكون الانفراجة بتجاوز تلك الصعاب، لنُكمل بعدها المسير نحو الهدف وصولاً إلى المحطة الأخيرة، إن لم تمنعنا الفوضى من الوصول، فاجتماع الصعوبات مع الفوضى يجعل المعاناة أكبر، وهذا ما نعيشه في مجتمعنا السوداني هذه الأيام، فوضى خلاقة كونت انحراف كبير لدى السلوك المجتمعي، ولأن الصعوبة تكمن في كيفية اكتساب الأشياء و أيضاً كيفية التخلص منها، أصبح الناس يعيشون داخل مجتمع فوضوي في كل شيء.
من الواضح أن السياسات الخاطئة التي اتبعتها الحكومات المتوالية بعد خروج المستعمر، تركت بصمتها إلى يومنا هذا بتراكم الأزمات في المجتمع لسنوات طويلة، تلك السياسات صنعت داءً لم نجد له الدواء حتى هذه اللحظة.
أزمة الهوية والحديث الدائم عن العروبة، وانقسام الناس في آرائهم حول السودان الجغرافي وهوية إنسانه، مع اختلاف لونه وتعدد أشكاله، أفريقي الملامح يتبع في سياساته الدول العربية.
أزمة السياسيين الذين تاجروا باسم الدين وتعليق فشلهم الدائم في الدفاع أمام مخططات الشيوعيين التي ستهدم الدين وتهدد المسلمين وتخرجهم عن الملة حسب تعبيرهم.
أزمة النظام السابق الذي حكم البلاد ثلاثون عاماً بأسم الحركة الإسلامية، تحت الشعارات المُخدرة أن (لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء) فأصبح الناس على كابوساً أنهم للدنيا قد عملوا والدين برئ منهم ولا يعلمهم.
حتى فيروس كورونا الذي أنكره الكثيرون أن لا وجود له أساساً، رغم اعتراف العالم أجمع بوجوده، لا ندري أهو جهلً؟ أم غياب تام عن الوعي.
 التصريحات المتكررة من الوزراء والمسؤولين أن قرارات رفع الدعم عن السلع والوقود تصب في مصلحة المواطن، كيف لهم أن يقنعوا الناس وهم كاذبون؟!.
نعم تغير نظام الحكم ولكن من يُغير المُعتقدات والأفكار الخاطئة، الفكر العام لدى الكثيرين بعيد كل البُعد عن منطق الحياة والعقل، لكنه قريب جداً ويشبه الواقع المعيش، فالأفكار كما هي موجودة، وهي الأشياء من حولنا تُصور لنا إلى أي مرحلة وصلنا.
تكمن الصعوبات في وجود حلول عاجلة ومستعجلة لأفكار كونت مجموعة من الأزمات التي تراكمت لسنوات فأصبحت جزء من روتين الحياة، وتقليد يتبع للعادات والتقاليد، وتبقى الفوضى في من صنع تلك الأزمات وتركها تدخل البيوت وتسكن العقول، فالحلول لن تأتي بين ليلة وضحاها والمريض لا يُشفى من أول جرعة.
 ورقة أخيرة 
المجتمع يعيش في دوامة من المغالطات والتناقضات التي أصبحت بمرور الوقت أسلوب حياة، تناقضات إلى ما لا نهاية وجدل كبير حول السلوك المجتمعي الذي كون جزء كبير من أفكارنا السلبية المُكتسبة خلال عقود مضت، فأصبحت مغالطاتنا هي التي تقودنا، و توارثناها حتى أصبحت في حكم العادة والتربية والطبيعة، وكانت وما زالت هي الصعوبات وهي الفوضى.

Related posts

السودان ما بعد الإتفاق الإطاري

حوار الطرشان

الصحافة مسؤولية .. وليست جريمة

1 تعليق

abdrhman 2020-11-19 - 8:59 مساءً
السودان والصعوبات الكلمتين اصحبو مترادفتين... الله يصلح البلد والناس
Add Comment

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...