الشلوخ أو الوشوم مفردها ( شلخ ) أو (وشم ) و هو شق يُحدَث في الخد باستخدام آلة حادة . ويتم بوضع علامة ثابتة في الجسم وذلك بغرز الجلد بالإبرة ،و وضع بعض المواد الملوِّنة التي يتم إدخالها إلى أعماق الجلد لتبقى طويلاً .
هذه العادة موجودة منذ عدة قرون في جميع أنحاء العالم، حيث تعكس الوشوم منذ عصور الإنسان البدائي الأول جزءاً من ثقافته و موروثه الشعبي .
فقد كان قدماء المصريون يستخدمونها كعلاج للحسد ، فيما استخدمته بعض الشعوب كقرابين لفداء النفس للآلهة .
و استخدمت أيضاً لتحديد الإنتماء القبلي و تمييز المجموعات البشرية عن غيرها ،
والشلوخ ليست عادة قاصرة على السودانيين فقط ، فهي عادة منتشرة في القارة السمراء خاصة عند القبائل التي تقيم في المناطق الشمالية الشرقية من جمهورية الكنغو و جمهورية أفريقيا الوسطى ،و تقوم قبائل و سط أفريقيا بعملية الوشم تحت أسس و طقوس خاصة .
في السودان عُرِف الوشم ( الشّلوخ ) منذ قديم الزمان و خاصةً في شمال البلاد ، و يرى بعض المؤرّخون أنها بدأت قبل أكثر من ٧٠٠ عام قبل الميلاد .
و يختلف شكل هذه الشلوخ ، فهي خطوط بعضها أفقية و مستقيمة و أخرى مائلة و بعضها على شكل هلال عند الرجال و النساء .
و كانت تعتبر علاجاً يستعمل لتخفيف الآلام ، و كانوا يعتقدون أن الندوب و العلامات التي تحدثها عملية الشلوخ تحمي من بعض الأمراض ، حيث أنهم يعتقدون أن الندب يُخرِج كل السموم الموجودة في جسم الإنسان .
مع مرور الزمن تحوّلت الشلوخ إلى رمز قبلي و جمالي ، و أصبح السودانيون يستخدمونها للتمييز بين قبيلة و أخرى و أيضاً يستخدمونها بغرض الزينة .
و تعتبر الشلوخ سِمَة للتمييز بين العِرق العربي عن سواه من الأعراق السودانية المتنوعة كالزنوج و النوبيين و قبائل البِجا .
تتم عملية الشلخ عند الرجال في سِن مبكّرة ، و تؤخَّر عند النساء حتى يبلُغن سِن العاشرة من العمر ، حيثُ تُقام الطّقوس و الإحتفالات لهذه المناسبة ، بعدها يعتبر من خضعوا لتلك العملية قد إنتقلوا من طور الصِّبى إلى مرحلة الرجولة ، و تُصبِح الفتاة بذلك مؤهلة للزواج و الإنجاب ،
و تقوم بهذه العملية نساء متخصصات يُطلق عليهن اسم ( الشّلّاخات ) .
مجّد الشعراء هذه العادة و صوّروا الفتاة المشلّخة بأبهى صور الجمال ، و أسهم الغناء السوداني في انتشار تلكَ العادة .
تعتبر عمليات الوشم مؤلمة جداً نظراً لعدم استخدام مواد مخدّرة ، فالألم هو الغاية المنشودة التي تتحول في لحظة إلى لذة و نشوة بالإنتصار على الألم و إظهار الشجاعة و القوة و الرجولة .
أما بالنسبة للشلوخ السودانية الآن ،فقد شهِدَت هذه العادة تراجعاً كبيراً في الآوِنة الأخيرة خاصة في المدن الكبيرة و الحضرية ، و لكن لا تزال بعض القبائل في المناطق الريفية النائية تحتفظ بتلك العادة ، بالأخص في الولايات الممتدة مع حدود دولة جنوب السودان نظراً لإرتباط بعض القبائل ببعضها هناك .