عندما تصبح الضحية شاهدة على مساوئ من له سلطة ونفوذ ، فيجعلنا نتسائل من الشاهد ومن الضحية يا ترى ، أيمكن لضحية في ريعان شبابها نبش جحور ذئاب وجعلهم يفترسون بعضهم البعض من أجل النفاذ بجلدهم والخروج أحياء من أزمة طالت كبار الضباط في ذلك الزمن ، ذلك هو الوصف لما جرى في نهاية الثمانينات من القرن الماضي لجريمة هزت أرجاء السودان وجعلت منها قضية رأي عام.
هذه القصة التي هزت المجتمع السوداني ككل حيث أن الأقاويل كثيرة حولها ، وتم توجيه أصابع الإتهام إلى بعض رجال الشرطة ، أميرة الحكيم والتي يرفض حتى الآن ذويها فكرة أنها قتلت هي من بنات حي الصحافة بالقرب من الامتداد وكانت تدرس في المدرسة في امتداد الدرجة الثالثة ، حادثة اختفاء أميرة الحكيم شغلت الرأي العام والصحافة في تلك الفترة بمتابعة وقائع الحادثة ووجهت الاتهامات صراحة لوزير الداخلية وشرطته ، ولا يزال ذلك الحادث عالقا بأذهان الناس. تصدت الشرطة من أرفع المستويات بالمتابعة على مدار الساعة لمحاولة إماطة اللثام عن ظروف هذا الاختفاء وخصوصا بأنها ظاهرة خطيرة ودخيلة وبطلتها فتاة فى ريعان الشباب ، وتسارعت الأيام وأتيام البحث تعمل دون كلل أو ملل على مدار الساعة وليس هنالك من جديد. وقد ساعد على ضبابية الموقف وتعقيده الكتابات الصحفية التى بدأت تنقتد في الأداء الشرطي ولجوء عائلة الشابة المفقودة للصحف بإثارة الأمر لممارسة بعض الضغوط على الشرطة . والأتيام لاتزال تبحث وليس هنالك أي خيط وكلما وجد بعض الضوء يتحول الأمر إلى ظلام دامس والملاحقة من القيادات الشرطية آنذاك تتوالى.
ناقش هذا العمل الدرامي الذي تم عرضه في عام 1994م ما حصل من تعقيدات ومفاجآت في تحقيقات تلك القضية الشائكة والمثيرة تجعل من لم يكن حاضرا تلك الفترة الزمنية للأحداث ، مواكبا ومعاصرا لأدق التفاصيل الصغيرة والدقيقة ويجعله مترقبا للحلقات المتتالية من العمل التلفزيوني بكل شغف وحماس لمعرفة ما سيجري في التحقيقات ونبش المعلومات التي تظهر في السطح فجأة لتجعل المشاهد شاهدا على ما جرى وما سيجري ويكون حكما وقاضيا في تلك القضية ويصدر حكمه في من هو الشاهد ومن هو الضحية.
كل تفاصيل المسلسل تحاكي القصة الواقعية مع إختلاف بعض التفاصيل الصغيرة وتغيير أسماء الضحية والمتهمين فقد تم تغيير إسم الضحية “أميرة الحكيم” إلى “فاطمة”، ويعتبر نقلة نوعية من حيث إستخدام موسيقى تصويرية سودانية بحتة ليكون أول مسلسل سوداني يقدم موسيقى تصويرية سودانية من تأليف وتوزيع “محمود السراج” وغناء “عبير”
ومن بعض روائع هذا التوزيع المميز ” هداك يا يمه غول الخوف رجع تاني , بس لكنه ما غولك ده غول تاني , زمان ما قلتي كان غولك , مخيف و عيونه ناريه , وكان بلبس عباية الليل , و يهيم في دنيا منسيه , و كانت فاطمه زي الريح , دوام فايتاه بالنيه , ده غول يا يمه غير الناس , أليف و ملامحه عاديه , أنامله قطيفه ما بتجرح , وبدي الطفل عيديه , و شايل يمه وش تاني , و سارق يمه لون تاني , ولابس لي هدوم تاني , بس يا يمه ما غولك , ده غول تاني”
الشاهد والضحية بطولة ” الهادي الصديق ومحمد عبد الرحيم قرنى ويحيى فضل الله وعوض صديق والرشيد أحمد عيسى وسهير الرشيد ونادية أحمد بابكر ومحمود السراج ومن إخراج شيخ المخرجين فاروق سليمان . وقد نال العمل مع عرضه احتجاجات من بعض ضباط الشرطة في إيقاف المسلسل التلفزيوني . فقد كشف العمل تورط كبار ضباط الشرطة ووجه اتهامات مثيرة جدا مع تناول الصحف اليومية آنذاك الاتهامات للشرطة وانتقادها في البطئ المخيف لعمل الشرطة في كشف الحقيقة.
كما تناولت نهاية تتر المسلسل ” شمس الحق لو غابت مرة ماحيطول في الدنيا افولا ، بكرة الخير الكامن فينا.. تاني يعود لسيرتو الاولي , حسن الشاطر راجع راجع.. فاطمة الطيبه حتهزم غولا , بكرة صباح الحب الزاهي يملأ حياتها فرح وطفولة”
11 تعليقات