في مثل هذا اليوم وضع الشعب السوداني حداً لحقبة الرئيس الراحل جعفر نميري بعد 16 عاما من الحكم؛ حيث انتفض الشعب السوداني لمدة عشرة أيام من 26 مارس حتى 6أبريل 1985م حيث انتصرت إرادة الشعب ،أيضاً في مثل هذا اليوم انتفض الشعب السوداني مرة أخرى في 6أبريل 2019م ووضع حداً لحقبة الرئيس عمر حسن أحمد البشير بعد حكم دام لمدة 30 عاما، وانتصرت إرادة الشعب مرة أخرى. ويعتبر السودانيون انتفاضة 6أبريل واحدة من الأحداث المهمة في تاريخ السودان.
النظام الذي أطُيح به فى 1985م إستلم الحكم في 1969م بإنقلاب عسكري، وكان النظام موالي للقوى الثورية الديمقراطية في البلاد وواصل سيره نظاماً شموليا وإنقلب ضد القوى والجماهير، وقام بتمديد فترة حكمه تحت مسمى المصالحة الوطنية وأصدر هذا الحكم الكثير من القوانين كالإعدام والقطع من خلاف.
الإنتفاضة الثورية مرت بمحطات أبرزها يوم 26مارس 85حيث خرجوا طلاب جامعة أم درمان الإسلامية يهتفون بسقوط البنك الدولي وأمريكا حليفة الرئيس الراحل نميري، وهاتفين ضد زيادة أسعار السكر والبنزين.
وتكررت أيضاً في اليوم التالي وإنضم اليهم طلاب الجامعات والمعاهد الأخرى، وكل المدن والأطباء والتجار والحرفيون وتبنت النقابات العمالية حركة الشارع ،
وكانت الموجة الثانية في 2أبريل أنضم إلى الطلاب عمال السكة حديد، ونقابات المهن الصحية، ورجال القضاء وإنضمت الأسر للتحرك الذي بلغ ذروته في 3أبريل، حيث قام عدد من ضباط الشرطة بإطلاق الأعيرة النارية على المتظاهرين مماتسبب في مقتل عدد منهم وامتلأت المستشفيات بجرحى التظاهرات فأضرب الأطباء إحتجاجاً على القمع وشكلت نقابة المحامين لجاناً للدفاع عن المعتقلين ،بعدها ظهر تمرد في صفوف الشرطةالذين رفضوا القمع وأعلنوا أنهم مع الجماهير.
وأصبحت أجهزة الأمن التي جهزها نميرى للدفاع عن حكمه عاجزة أمام الشارع الملتهب.
وفي تلك الأيام كان نميري خارج البلاد في أمريكا في زيارة علاجية.
وفي مساء 5 أبريل إجتمعت القيادات العسكرية برئاسة قائد الجيش سوار الذهب، وبعد 7 ساعات أعلن الجيش إنحيازه للشارع وفي صبيحة 6أبريل أعلن سوار الذهب نهاية عهد نميري؛ وكل منظومة مايو الديكتاتورية.
لتبدا فترة إنتقالية أخرى تنظم إنتخابات بنهايتها.
بعد أعوام حدث إنقلاب عسكري آخر بقيادة الضابط عمر حسن أحمد البشير. بعدها بدأت حكاية حكم عسكري إسلامي إستمر 30 عاما في هذه الأعوام حدثت الإنقسامات الطبقية والجهوية.. فكان إنفصال الجنوب والجرائم المرتكبة في دارفور ضد الإنسانية، ومصادرة الحريات السياسية، وبيع الأراضي للدول الخارجية، وتحول السودان إلى بلد الفقر والدمار.إضافة إلى إرتفاع أسعار السلع الغذائية، وأسعار الوقود، وتفاقم الحرب الأهلية .
بدأت المعطيات مواتية لإخراج السودان من حكم الإسلام السياسي والإستبداد، وبدأ الشعب يرسل إشارات الثورة.. وتزامن ذلك مع تراجع الثقة بالجيش الذي همش لصالح المليشيات الرديفة وكان جالياً إنحياز قطاعات منه للجماهير.
فظهرت قوى الحرية والتغيير وتبنت الثورة ودعت إلى مظاهرة إحتجاجية أمام مقر القيادة والأركان في 6أبريل تحول إلى إعتصام مليوني دائم .فتحرك الشعب السوداني وقاد ثورة مدهشة عرّفت أبناء السودان بعضهم ببعض ،وإجتمعوا في ميادين الحرية وأثبتوا أن قوتهم في وحدتهم وخلقوا في الشارع فناً رفيعاً ،حيث رسموا كل سيناريوهات الأحداث في الحوائط وألغوا التناحر والعصبيات.
أظهر تحالف قوى الحرية والتغير معرفة بحقيقة ميزان القوى ،وأن السودان يعيش أياماً تاريخية لذا بادر بمطالب الشعب المتمثلة في رفض النظام السابق، وتصفية ومقاضاة الفاسدين، وقيام مجلس سيادى مدني. وإنضم هذا التحالف إلى تجمع المهنيين الذي تنطوي فيه الكفاءات المستقلة.
وتحققت المقولة التي تقول التاريخ يعيد نفسه حيث خلفت ثورة 6 أبريل 2019 عدد من القتلى وإمتلأت المستشفيات بالجرحى، وإعتصم الأطباء والمحامين وكل فئات المجتمع السوداني.
ودفعت قوى الحرية والتغير بالجيش في وجه المليشيات التي فشلت في فض الإعتصام بالقوة.
فتمت الإطاحة بحكم البشير تحت ضفط المعتصمين والجيش وفي كلا الثورتين 6أبريل 1985، و6أبريل 2019 حقق الشعب السوداني النجاح في ميلاد سودان جديد .وهذا الإنجاز يجب الحفاظ عليه.