مجلة السودان : صابر حامد
بسقوط نظام الرئيس المعزول عمر البشير وضع السودانيون آمالا عراض بتحسن الوضع الاقتصادي وتعافي العملة الوطنية جراء التدهور الاقتصادي، لكن الأحلام ظلت رهينة بواقع العلاقة مع الولايات المتحدة الامريكية، لفك القيود عن الخرطوم ورفع العقوبات وإزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
في العام 1993 وضعت ادارة الرئيس الأمريكي بيل كلينتون السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب بحجة استضافة زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن.
أسهُم احتمالات رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب ارتفعت لدى السودانيين عقب سقوط نظام (الإنقاذ) سيما وأن النظام السابق متهم بالتورط في عمليات إرهابية وإيواء متطرفين ما دفع واشنطن لفرض العقوبات.
ويقول السفير السابق الرشيد أبو شامة إن عملية رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب تتطلب جهدا أكبر من الحكومة، وقال لـ(مجلة السودان)، إن الخرطوم على الرغم من إيفائها الشروط المطلوبة إلا أن الأمر يتطلب ضرورة الاستقرار السياسي وأضاف: (الحوار مع أمريكا يتطلب نفساً طويلاً لأن ليس من السهل أن ترفع واشنطن العقوبات دون التأكد من الوصول لاتفاق سلام أو سير عملية السلام).
وشرع النظام البائد في حوار مع الجانب الأمريكي للوصول لاتفاق لرفع السودان من قائمة الإرهاب، ونجحت الخرطوم في الطرق على باب العقوبات الموصد بشروط مشدده بغية فتحه، وتتعلق الشروط الأمريكية بتوصيل الإغاثة لمناطق الحروب خاصة النيل الأزرق، وحماية واحترام حقوق الإنسان، والحريات الدينية، وعدم إقامة علاقات مع كوريا الشمالية وضرورة البدء بشكل جاد في عملية سلام، والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب ودفه تعويضات ضحايا العمليات الإرهابية.
تغير الوضع قليلاً بعد سقوط النظام وتولي رئيس الوزراء عبدالله حمدوك قيادة الحكومة في الفترة الانتقالية وأعلنت واشنطن دعمها للخرطوم لعبور الفترة الانتقالية وتحقيق أهدافها.
ودعت واشنطن حمدوك لزيارة أمريكا مطلع ديسمبر الماضي، وبعد زيارة امتدت لستة أيام، وأعلن رئيس الوزراء التوصل لاتفاق حول خمس من شروط رفع السودان من قائمة الإرهاب وتبقى شرطان (التعاون في مجال الإرهاب ودفع تعويضات ضحايا العمليات الإرهابية من الأمريكي).
بينما قال مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، تيبور ناجي، في تصريحات عقب زيارة حمدوك لواشنطن إن قضية رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب بأنها (ليست قرارا، بل عملية)، ما يعني أن الأمر يرتبط بإجراءات وقرارات تتوقعها الإدارة الأميركية من الحكومة السودانية خصوصا حول الأجندة التي كانت أميركا بدأت فيها حوارا مع النظام السابق.
وتخوف السفير السابق الطريفي أحمد كرمنو من عدم إلتزام الولايات المتحدة برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب حتى إن أوفت الخرطوم بالشروط المطلوبة، وبرر الطريفي تخوفه في حديثه لـ(مجلة السودان)، بأن الإدارة الأمريكية لم تلتزم للسودان بالوعود التي أعلنتها قبل انفصال دولة الجنوب، وأشار إلى أن إلتزام رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بدفع تعويضات ضحايا المدمرة الأمريكية (كول) يأتي في إطار السياسة الأمريكية التي تقوم على (المادية) بأن تمنح أمريكا ما تريد قبل أن تعطي.
وأعلنت وزارة العدل فبراير الماضي توقيع اتفاقية تسوية مع أسر ضحايا حادثة تفجير المدمرة الأمريكية كول عام 2000، لاستيفاء شروط إزالة اسم البلاد من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
خطورة استمرار وجود اسم السودان في قائمة الإرهاب تتمثل في المقام الأول في تفاقم المشكلة الاقتصادية لجهة أن العقوبات تحرم الخرطوم من الاستفادة من قروض البنك الدولي والمانحين.
وأكد المختص في الشأن الأمريكي عضو البرلمان المحلول علي محمد حسن لـ(مجلة السودان)، التزام الخرطوم بالإيفاء بالشروط الأمريكية المحددة لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، لكنه نوه إلى وجود عمليات دقيقة في السودان يتابعها الجانب الأمريكي للاطمئنان على الوضع بغية رفع العقوبات، وأشار إلى أن الوضع الحالي قد يؤدي لفرض شروط جديدة لكنها (سياسية) ترتبط بالوضع الراهن، وتوقع أن تكون ضمن الشروط تقصير أجل الفترة الانتقالية، وأضاف: (ربما تتعلق أيضا بهيكلة جهاز الأمن وشركات النظام البائد).
بيد أن واشنطن لا زالت تضع المتاريس لعرقلة رفع اسم السودان من قائمة الدولة الراعية للإرهاب، فبعد أن أوفت الخرطوم بمعظم الشروط التي وضعتها أمريكا سابقاً لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب، أعلنت مجدداً شروط جديدة، لتواصل واشنطن سياسة “العصا والجزرة” في علاقتها مع الخرطوم.
وأواخر الشهر الماضي، قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إن السودان لن يتمكن من كسر “دائرة الفقر واليأس” ما لم يتم تحريره من “معوقات العقوبات” التي كانت مفروضة في عهد نظام الرئيس السابق عمر البشير.
Copyright secured by Digiprove © 2020 Ashraf Eltom