الرحيل المُــر

فُجع العالم الاسلامي الأسبوع المنتهي برحيل واحدٍ من أعلام القراءات والتجويد للقرآن الكريم و أحد أئمة مساجد الخرطوم الذي كانت تمتليء ساحات المسجد بكل فئات المصلين الذين كان يقودهم صوته الذي يُعسّل القرآن فتخشع قلوبهم وأفئدتهم لذكر الله ومانزل من الحق المبين..
الشيخ نورين محمد صديق .. ابن القرأن ونوره وبركته وضياءه..
الشيخ نورين .. الذي ما فتيء يضرب في بقاع الدنيا حاملاً كتاب الله .. ناشراً دعوته للعرب والعجم .. تالياً ذكره وشارحاً كتابه المبين.. متنقلاً ما بين القراءات بشتى الروايات.. حافظاً لكتاب الله بأوراده و ترتيله..
عرف القرآن في حياته ومنذ نعومة أظفاره.. ما نسي آياته.. حفظها فحفظته في حياته وبعد مماته..
فبارك الله في حياته.. ورزقه سيرةً بين الناس بعد مماته.. قرْآن يُتلى و دعوات تتبعه ممن عرفه وممن لم يعرفه..
ملايين المسلمين في شتى بقاع الدنيا فاضت أعينهم بالدمع لفقد شيخٍ لم يكن يربطهم به سوى آيات الله التي تجري على لسانه.. يل بعضهم لم يرى الشيخ .. بل بعضهم لايعرف موطنه ..
ولله درهم اجمعين..
زرع الله في قلوبهم محبته وذكره والانتماء إليه لما يصدح به من كتاب الله المبين.. فكان نوراً يُهتدى ونبراساً ومشعلاً في عالم القران .. طريقاً للهداية والدعوة إلى الله حتى لقي الله وهو داعٍ اليه ،، ذاكراً له و لكتابه العظيم..
فكانت البشرى بحسن الخاتمة ،، أن لقى ربه في يوم عظيمٍ وهو يدعو الى سبيله بالحكمة والموعظة والقرآن المبين..
رحل الشيخ نورين – تاركاً لخلفه من المسلمين ارثاً عظيماً من التلاوات .. ومكتبةً ضخمة حفظ فيها آيات الله بقراءات مختلفة وروايات شتى .. سواء تلك التي كانت في صلوات التراويح في الشهر الفضيل او التلاوات المسجلة عبر عدد من الوسائل الصوتية الأخرى المختلفة..
رحل شيخ نورين – مخلّفاً أجيالاً من الطلاب والدارسين الذين تدارسوا القرآن على يديه و في كنفه ..
لأن نقول ان برحيله انطفأت شعلة من الذكر .. ولكن نقول ان الله ابتلانا بقبض عالم من علماء هذه الأمة .. وفي ذلك إنذار وعبرةُُ لمن يعتبر..
رحل شيخ نورين .. و أوجعنا رحيله كما آلمنا رحيل اخوته من الدعاة من قبل .. الشيخ محمد سيد حاج و الشيخ محمد احمد حسن – رحمهم الله جميعاً برحمته..
صحيح أن الموت سبيل الأولين والآخرين .. ولكن يبقى تعدد حالات الوفاة بحوادث في طرق السودان – يطرح سؤالاً .. ألم يأن للمسؤولين أن تعتبر قلوبهم وعقولهم لمن نفقدهم بالعشرات في هذه الطرق الفاسدة كفساد الساسة والذين ولاهم الله أمرنا ،؟؟
ألا يوجد بينهم من يهتز قلبه من هؤلاء الذين يلقون حتفهم بسبب طرق لاتصلح لأن يمشي عليها حتى البعير،،؟!!
كم من عزيزٍ التهمته طرق الشمالية والتحدي والشريان وغيرها من هذه المسميات القبيحة التي لا نصيب لها من اسمها سوى شعارات كاذبةٍ خاطئةٍ فاسدة ؟!!
من كل أطياف المجتمع.. حتى لا نقول إنهم لا يهتمون لأمر دعاة الدين..
في تلك الطرق فقدنا الساسة كمجذوب الخليفة وفتحي خليل والفنانين كنادر خضر والشيوخ كمحمد سيد حاج ونورين وفي الرياضة في حادث بعثة المريخ صديق العمده ورفاقه..وغيرهم ممن بكيناهم بدموع من دم..!!
رحل الشيخ نورين.. وستبقى سيرته في بقاع العالم.. وصوته الجسور ( ذو الروح) كما وصفه أحد دعاة الاسلام في امريكا.. سيبقى صوته هادياً ومنيراً لكل الأجيال..
لانقول ان برحيله انطفأ صوتُ من الذاكرين.. لأن القرآن باقٍ يُتلى آناء الليل و أطراف النهار بما حفظه الله وبما توارثه طلاب الشيخ نورين وبعلمه الذي نشره ليُنتفع به.. ليبقى صدقةً جاريةً يسعد بها وتكون له بها شفاعةُُ عند الله.. ويبقى بيننا بذكره وصوته.. الذي تضج به أسافير الله منذ وفاته متناولةً سيرته العطرة و خصاله السمحة ومواقفه النبيلة.. وكل يوم نشهد موقفاً للشيخ لم نكن نعرفه من قبل.. ويتناول كل بطريقته سيرته وذكراه..
ألا  رحم الله الشيخ نورين برحمته الواسعة.. و أنزله منازل الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا.. و أنزلنا معهم في عليين اذا صرنا الى ماصاروا اليه.. انا لله وانا اليه راجعون..
حروف اخيرة
بعض الزملاء وجهو صوت نقد للحكومة وتحديداً لوزير الأوقاف لعدم اتباع جنازة الراحل الشيخ نورين ورفاقه.. أو حتى نعيهم عبر الوسائل الرسمية..
و استغرب من الذين ينتقدون الحكومة واحسبهم من المتفائلين..
يارجل هؤلاء أبعد من هذا التفاؤل ..
هرول بعدها حمدوك وحميدتي للنعي عبر تغريدتين في منصة ” تويتر”.. و اعتقد أن “مفرح” طالب بتخصيص راتب شهري لأسرة الراحل شيخ نورين.. مسكين يا مفرح انت والله.. لو فاكر نورين محتاج قروشك انت وحكومتك العرجاء هذه..
الزميل العزيز المخرج سيف الدين حسن (شركة نبتة للانتاج الاعلامي) كان قد سجّل وثائقياً مع الشيخ نورين.. قبل رحيله بأيام قلائل.. الوثائقي سيكون مادةً مهمة خاصة انها اخر ما تم تسجيله في حياة الشيخ وعنها قبل رحيله رحمه الله.. ستُبث قريباً ان شاءالله..
إن الله يرفع بالقرآن أقواماً.. ويضع به آخرين..
المرفوع واضح.. والموضوع واضح..

Related posts

السودان ما بعد الإتفاق الإطاري

حوار الطرشان

الصحافة مسؤولية .. وليست جريمة

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...