الخليفة عبدالله التعايشي

الخليفة عبد الله التعايشي بن محمد التقي الجهني الشهير بعبد الله تورشين، هو خليفة  الإمام محمد أحمد المهدي زعيم الثورة المهدية في السودان و أحد ركائزها، و قد أعقب المهدي في حكم السودان بعد وفاته في 22 يونيو /حزيران 1885، وحتى تاريخ مقتله في معركة أم دبيكرات يوم الجمعة 24 نوفمبر / تشرين الثاني 1899. ساند المهدي وشجعه للخروج و إعلان ثورته.
نشأته:
ينتمي عبد الله التعايشي لقبيلة التعايشة، وهي من فروع البقارة المتواجدين في دارفور. تذكر مخطوطة آل الخليفة عبد الله التعايشي أن عبد الله هو حفيد محمد المعطي الداري. أمه هي أم نعيم من فرع الجابراب أم صرة وينتهي نسبها للعباس بن عبد المطلب.
ولد بدار التعايشة في قرية أم دافوق على ضفة رهيد البردي بجنوب دارفور حوالي العام 1846، و قتل في يوم الجمعة 24 نوفمبر 1899 بأم دبيكرات جنوب غرب مدينة كوستي بالنيل الأبيض. نشأ في طفولته بمسجد أجداده وقد كانوا حملة قرآن. وفد جدهم الأكبر محمد القطب الواوي من تونس ذات المركز العالي في الصوفية آنذاك إلى دار التعايشة بدارفور، ثم رجع إلى تونس حيث توفي، ودفن بمدينة القيروان هناك ولا يزال ضريحة مزارا لمريديه.

حفظ عبد الله القرآن على طريقة الخلاوي، ودرس العلوم الدينية، والفقه، واللغة العربية مع إخوانه على يد والده، وأمضى حياته الأولى كبقية الأطفال في ذاك المسجد الذي كان قبلة لطالبي القرآن والعلوم الدينية في دارفور.
في 1883 أصدر الامام محمد أحمد المهدي منشوراً حدد فيه مكانة الخليفة عبد الله الروحية والزمنية في نظام دولته ودعوته، وذكر فيه أن الخليفة عبد الله في الترتيب الهرمي للمهدية هو خليفة أبي بكر الصديق، وهو أيضاَ القائد العام لكل جيوش المهدية وقال المهدي في منشوره «إن الخليفة عبد الله جزء مني، وإن كل ما يقوم به من أعمال هي إلهام من الله وليست من هواه أو رأيه الشخصي». وقد اشتهر عبد الله التعايشي بن محمد تورشين بقدرته القتالية وسط اتباع المهدي ومن حوله من أنصار.

وجاء في المنشور الذي كان بمثابة إعلان من المهدي عن عصمة خليفته:

«أعلموا أيها الأحباب أن الخليفة عبد الله، خليفة الصديق المقلد بقلائد الصدق والتصديق، فهو خليفة الخلفاء، وأمير جيوش المهدية المشار إليه في الحضرة النبوية! فذلك عبد الله بن محمد، حمد الله عاقبته في الدارين، فحيث علمتم أن الخليفة عبد الله هو مني وأنا منه، وقد أشار سيد الوجود، فتأدبوا معه كتأدبكم معي، وسلموا إليه ظاهراً وباطناً، كتسليمكم لي وصدقوه في قوله، ولا تتهموه في فعله فجميع ما يفعله بأمر من النبي، أو بإذن منا فحيث فهمتهم ذلك، فالتكلم في حقه يورث الوبال والخزلان وسلب الإيمان، وأعلموا أن جميع أفعاله وأحكامه محمولة على الصواب لأنه أوتى الحكمة، وفصل الخطاب.

فترة حكمة بعد وفاة الإمام المهدي :
أدار الخليفة عبد الله الدولة السودانية خلال 14 عاماً. حيث بدأ حكمه يوم وفاة المهدي في 22 يونيو 1885م وحتى تاريخ وفاته بأم دبيكرات يوم الجمعة 24 نوفمبر 1899م، تمددت فيها الدولة المركزية، وعاصمتها أم درمان، بين دارفور في الغرب وإلى البحر الأحمر شرقاً، ومن بحر الغزال في الجنوب إلى دنقلا عند أقاصي الشمال.
وفاته:
هزت الدولة المركزية في أم درمان وخليفتها عبد الله بن محمد التعايشي وأثرت على بناءها الداخلي الحركة التي عرفت بثورة أولاد البحر أو البلد، وهي ثورة غاضبة اتهمت الخليفة بتركيزه الشديد على تقوية وجود أولاد الغرب في السلطة العليا والوظائف الإدارية الأخرى بالدولة.
وتحامل الأشراف وهم آل السيد المهدي كثيراً على الخليفة يسندهم موقفهم وشكواهم السابقة في حضرة مؤسس الدولة و رائد الدعوة الإمام؛ وأوشكت أن تقع مواجهة دامية عند قبة المهدي في 24 نوفمبر 1891 لولا فطنة الخليفة وحرصه على عدم إراقة الدماء حيث أنهى الأزمة بالصلح والعفو العام، لكنه فيما بعد عندما تفاقم الوضع تعامل مع الأمر بحزم وقوة بادية.


استشهاد الخليفة عبد الله وعدد من رفاقه في (معركة أم دبيكرات) نوفمبر 1899 م. قتل الخليفة البطل  محارباً في معركة أم دبيكرات في 24 نوفمبر 1899، بعد إنجلاء معركة أم دبيكرات فرش الخليفة عبد الله فروته للصلاة وأطلق عليه الإنجليز نيرانهم فقتلوه وقال قائد الغزو، اللورد كتشنر – وهو يقف على جثمان التعايشي- ومؤدياً تحية عسكرية له: ” ماهزمناهم ولكنا قتلناهم!“.


أقدم الإنجليز بعد إستشهاد الخليفة، وزوال الدولة المهدية على أعمال إنتقامية كالتمثيل بالجثث، وتعقب أبناء المهدي وخليفته وكبار قادة الأنصار وقتلهم، وتهجير قبيلة التعايشة والأشراف من آل المهدي من أم درمان إلى النيل الأزرق وسنار وود مدني، وحتى نبش قبر المهدي.

Related posts

إشكالية إدارة التنوع الثقافي في السودان

الديمقراطية للديمقراطيين

جرائم عبر القرون ج (10)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...