هو في الأساس شخصية عسكرية فذة و وطني جسور كما ثبت في الوثائق فهو أحد ضباط الجناح العسكري لجمعية الللواء الأبيض ثم كان على رأس الجبهة المنادية بالاستقلال، ولد بأمدرمان عام 1892 ، والده هو خليل عوض حسين الكنزي و يرجع أصله إلى النوبة في منطقة بلانة على الحدود المصرية السودانية . كان والده يعمل بالتجارة بين مصر و السودان اما والدته فيرجع أصلها إلى قبيلة التعايشة.
التحق عبدالله خليل بكلية غردون قسم الهندسة ثم التحق بالمدرسة الحربية في العام 1908 و تخرج في طليعة الدفعة الثانية عام 1910م.
أظهر الأميرلاي عبدالله خليل نشاطاً وطنيا بعد أحداث 1942 ، هذه النزعات الوطنية صادفت قيام مؤتمر الخريجين في عام 1936 و رغم انه كان ضابطاً عاملاً في سلك الجندية إلا أنه كان ضمن لجنة العشرة بنادي الخريجين ، الأمر الذي جعله يكتسب حنكة سياسية ممتازة بالاضافة إلى قربه من قادة المستعمر الإنجليزي بحكم رتبته العسكرية.
و عندما تمت سودنة الوظائف كان عبدالله بك خليل قد أحيل على المعاش في العام 1946م و هو برتبة أميرلاي و تم تعيينه عضوا في المجلس الإستشاري لشمال السودان ، و بين عامي 1948 – 1952 كان عضوا في الجمعية الشريعية و هناك تبدى للجميع ميوله الواضحة في استقلال السودان و طرد المستعمر الإنجليزي.
عندما نال السودان استقلاله في العام 1956 تم قام رئيس مجلس السيادة إسماعيل الأزهري (المنتمي للحزب الإتحادي) بتشكيل أول حكومة وطنية في يوليو 1956م كان رئيس وزراء السودان فيها هو عبدالله بك خليل (المنتمي لحزب الأمة).
و كما يبدوا بين السطور أنني أشير إلى أن الأمر تم برضى الحزبين الأكبر في الساحة في ذلك الوقت ، أعني الحزب الإتحادي الديموقراطي و حزب الأمة.
لكن لم تجر الأمور كما أراد السيدان (المهدي ،و الميرغني) إذ أن سياسة الاستحواذ على كل شيء لم تعجب بقية الحزاب السودانية، فكان هناك نوع من الحنق السياسي المكبوت.
هذا الحنق المكبوت الذي لم يخرج للعلن إلا بعد أن تلاعبت مخابرات أجنبية أردات الإطاحة بحكومة عبدالله خليل المدنية ، خصوصا بعد ترحكات عبدالله خليل الواضحة فيما يخص سودانية منطقة حلايب و شلاتين ، حيث يحسب له أن السياسي السوداني الوحيد حتى لحظة كتابة هذه السطور الذي عمل عملاً جاداً فيما يخص حلايب و اعتبرها أرضاً سودانية لا يسمح المساس بها.
من منتصف العام 1958م اندلعت الخلافات بين الأحزاب السياسية الكبرى ، كان الأمر أشبه بالفتنة السياسية ، حتى خرجت الأمور عن سيطرة عبدالله خليل ، الأمر الذي استدعاه أن يعقد اتفاقا شفاهيا مع وزير الدفاع آن ذاك الفريق إبراهيم عبود .
هذا الإتفاق السري غير المكتوب قد تم بمباركة السيدين ، و الذي كان بمقتضاه أن يحكم عبود البلاد لمدة ستة أشهر بعد أن يقوم بإنقلاب عسكري يحل فيه البرلمان و كافة النقابات و يعطل العمل بالدستور ، وذلك لوقف الفوضى الحزبية التي كانت في البلاد في ذلك الوقت. و أن يعين عبود السيد عبد الرحمن المهدي رئيساَ للجمهورية، و إسماعيل الازهري رئيسا للوزراء بعد إنقضاء فترة الستة أشهر.
إتفاق أقل ما يقال عنه أنه سبب نحر الديموقراطية في السودان ، إذ أن السيدين بالاضافة إلى عبدالله خليل بالطبع قد بذروا هذه البذرة الشيطانية في نفوس العسكريين من أبناء القوات المسلحة الشيطانية ، فاستنوا سنة الإنقلاب و أسسوا فكرة أن القائد العسكري يمكن أن يكون هو المنقذ السياسي ، أسسوا لفكرة أن البدلة العسكرية لها صلاحيات حتى ربما أقوى من صلاحيات الشعب نفسه و حريته في اختيار حكوماته عبر صناديق الإقتراع.
هذه الخطئية الكبرى التي ارتكبها عبدالله بك خليل حينما قام بتسليم السلطة للفريق عبود بانقلاب أبيض في 18 نوفمبر 1958م ، ظلت و ستظل هي النقطة الفارقة في ترايخ السياسة السودانية.
2 تعليقات