¤ محمود بني
¤ كم من قرار أخذ بتسرع وغير مصير الآخرين وحملهم أعباء لم يفعلوها، وكم من ظنون هدمت حياة بعض الأبرياء ودمرتهم دون رحمة، وكم من حديث أصبح عائقا أمام زواج بنات أبرياء وقضى على أحلامهم بقسوة.
¤ وقع الكثيرون في هذا الفخ وحز بعد ذلك وتألم، كلما نظر ذلك الذي حكم بالخطأ على نظر ذلك الشخص الذي وقع اللوم عليه ولم ينتظر حتى ليسمع أعذاره قبل إلصاق التهمة به، أحيانا تقع جماعة بأكملها في هذا الفخ ويظلمون في إصدار الحكم قبل أن يعرفوا حقيقة الأمور.
¤ الشعب السوداني طيب بأصله ولكن احيانا يقع بهذا الخطأ نظرا لما تعرض له في الآونة الآخيرة من خزلان وفساد وعدم الثقة فأصبح يصدق ويحكم من غير التبحر في حقيقة الامر وبواطن الأمور.
كما حدث لتلك المجموعة التي كان أعضاؤها يستغلون حافلة ( مواصلات ) وأعلنو ضجرهم جهرا لما يحدث، كان الإستياء والضجر يظهران في ملامحهم، وأما في الجانب الآخر كان هناك أطفال يلعبون بالعابهم واصواتهم عالية ويتحركون في الحافلة كثيرا، وكثرة الصراخ تسببت بإزعاج جميع الركاب، وأصبح الجميع يتحدث ويتمتم ويخبر من بجانبه عن سوء تربية هؤلاء الأطفال، وذلك الرجل الثلاثيني بالعمر الذي بدت على ملامحه آثار التعب والألم كان ينظر إليهم بإستغراب كأنه ليس بإستطاعته التكلم، وظهر عليه أنه يعاني من شيء ما كأنه جثة بلا روح وكان يكمن وراء وجهه الكئيب الف لغز .
الركاب كانو منشغلين بالكلام عن الأطفال وعدم إهتمام والدهم بهم، وكان البعض يتكلم بسوء وآخرون يتساءلون، هل هؤلاء أطفال ام ماذا؟ وتلك كانت تسأل عن التربية ؟!
فجأة قال والد الأطفال بصوت هادئ، للشخص الذي بجانبه، إن والدة الأطفال ودعت الحياة وتوفيت قبل قليل، لذالك لا أستطيع أن أقسو عليهم، بعد ذلك إنتقل الخبر من الشخص الذي كان يجلس بجانب الأب إلى باقي الركاب إلى أن عرف الجميع الحقيقة وفهموا سكوت الأب، وعلموا انهم أخطئوا في الحكم عليه، إنه يهمل الأطفال، بل كان يتعاطف معهم لأن الدنيا قست عليهم بموت أمهم، لذلك الأب لم يردعهم كي لا يقسو عليهم ويملأ الفراغ في داخلهم ويعوضهم بالحنان الذي حرموا منه قبل لحظات بعد الرحيل لأمهم المفاجئ.
¤ لذلك لا يمكن للإنسان أن يحكم على الآخرين مما يراه بالعين المجردة أو حسب ظنه ربما يكون أبعد مما اراد ذلك الشخص، فانت لا تعلم ما بقلبه.
¤ يتزاحم الناس بصفوف الخبز واحيانا تقع بعض الخلافات، فكان هنالك شاب قد علق تعليقا على وقوف المرأة بالصف وأن هذه ليست من شيم الرجال ان يتركوا بناتهم يقفون بالصفوف واصبح التعليق متداول بين المتواجدون بالصف من الرجال إلى أن وصل إلى مسامع فتاة وحزنت قليلا فكانت تستمع إلى الأحاديث حتى عم الصمت قليلا، ما أن عم الصمت إلا وفوجئ الجميع بسوط الفتاة قائلة ما ادراك انت ان ابي المتوفي لو كان مع كان سمح لي أن اتعب بهذا الصف؟ ما أدراك أن اخي المشلول لو كان معي لما تركني ؟ ما أدراك انت إن كنت حتى متزوجة أم لا؟ ام انه اذا كنت متزوجة ليس علي الوقوف بجانب زوجي الذي يسعى للرزق منذ صلاة الفجر ولا يعود إلا صلاة العشاء حاملا قوت اليوم الذي يليه ؟ لذلك لا تتحدث عن شيم الرجال فأنت لا تعلم سبب وقوفي فكلنا سواء بصعوبة المعيشة.
¤ هنالك آثار سلبية بالتسرع في الحكم على الآخرين وهي :-
1- ضياع الوقت
2- إهدار الطاقة
3- اليأس والندم
4- الحزن والغم
5- زيادة الأخطاء
¤ لكي لا تقع في فخ المظاهر لا تتسرع، تمهل وتمعن وأدرس المواقف جيدا كي تتضح لك الأمور، فالعجلة في الحكم تعكس طريقة تفكير صاحبها ونفسيته، وكم من حبيب ظلم بسبب القرار الخطأ وكم من خائن تربع على كرسي السياسة بسبب القرار الخطأ وكم قرار أخذ دون تدقيق وأصبح عامل دمار للعلاقات، لذلك رفقاً بالقرارات، ولا تتسرع في الحكم على الآخرين، فقد تظلم بريئا وتبرئ ظالما كما قيل سابقا: (الفراشة رغم جمالها حشرة والصبار رغم قسوته زهرة) فلا تحكم على الناس من أشكالهم وأسمائهم بل بما تحتويه قلوبهم.
¤ إذا أعجبك المقال تابعني على مجلة السودان