أم كلثوم ( سوما المغربي )
¤ الحكمة هي التعلم، الخير الذي هو عطية الله، هي صفة المولى تبارك وتعالى فهو الحكيم ،و من أعطى الحكمة فقد أعطى خير كثير، رأس الحكمة مخافة الله،،ومخافة الله من تقوى القلوب.
دلالة الإسم سواء معنويا أو لفظيا تصب في خانة المعرفة والإتزان و الصواب والبيان و العدل، وقد وردت بكثير من الآيات , قال تعالى: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾~[البقرة: 129].
فمن عظمتها هي صفة وإسم من أسماء الله الحسنى الحكيمّ، وهي ببيانات القرآن هي العلم، وقال تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾ ~[البقرة: 15).
والحكمة تتدرج من الذات فينظر الإنسان ويتفكر في صمت ويتمهل، والصمت ثلثي الحكمة فهو يعطي إطفاء الغضب ولزوم الحذر والبعد عن التسرع و العجل وأخذ الشئ بميقاته دون أن يتأخر ،وكثير مما يوقي من المهالك وشح النفس.
وهناك حكمة أعلى تأتي بالنظر والتأمل في منح الله ومنته وميقات منعه وهنا عظمة الذات الإلهية ،فأحيانا يكون في المنع والفقد خير يعلمه الخالق عز وجل، وهنا تتجلى الحكمة في الإيمان بالله، والثقة بحكمه وعدله، وهذا يقود الإنسان لعبة الصبر والتسليم بالقضاء، وهنا سر إلهي من أسرار الرضى الذي يهب السعادة، وأما أعظم الحكمة ما يوصل للإيقان فيهب البصر وتفتح البصيرة برؤية الأسباب ثم الإستدلال بالدلائل وهذه خاصية وصفة العلماء ،و هم أهل الحكمة والرؤية والتفسير.
وأفلح من وجد الحكمة كفطرة وهبة ربانية، لكن أيضا فاز من تعلمها من عصارة التجارب وهول البلايا والصبر على المصاب.
فعلينا تعلمها إن لم توهب لنا تمنحنا السمو والبعد عن الدنايا و الهوى ،وكذا مجالسة أهلها والتعلم منهم والعبادة والأخذ بصفات الأخلاق فنتلقى الحكمة وخيرها، فنتحرى الحلال ونأخذ بالصمت والصبر ،والشجاعة و الاعتدال والتواضع ونجد حينها المعرفة فنتلق الحكمة.
¤ من بعض القول عن الحكمة; قال أبو بكر بن دريد: «كلُّ كلمة وعظتك وزجرتك، أو دعتك إلى مكرمة، أو نهتك عن قبيح، فهي حِكْمَة» ،قال وهيب بن الورد: «بلغنا أنَّ الحِكْمَة عشرة أجزاء: تسعة منها في الصَّمت، والعاشرة في عزلة النَّاس» ،و قال أبان بن سليم: «كلمة حِكْمَة لك من أخيك، خير لك من مال يعطيك؛ لأنَّ المال يطغيك، والكلمة تهديك»، قال أيوب: «وأما الحكمة فأين توجد؟ والفطنة أين مقرها؟ لا يعرف الإنسان قيمتها»،قال علي بن أبي طالب: «إن الحكمة هي ضالة المؤمن، فخذوا الحكمة ولو من أهل النفاق». وقال ابن عباس : «كونوا ربَّانيِّين حُكَماء فقهاء»، بالحكمة نطق سلمان الفارسي حين قال:«ثلاث أفزعتنى وأضحكتنى:مؤمل الدنيا والموت يطلبه، وغافل وليس يغفل عنه، وضاحك ملء فيه ولا يدري أساخط ربه»، وقال مالك بن دينار: «قرأت في بعض كتب الله: أنَّ الحِكْمَة تزيد الشَّريف شرفًا، وترفع المملوك حتى تُجْلِسه مجالس الملوك».
عن ابن عباس قال: ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال: «اللهم علمه الحكمة».
¤ إذا لنقل الحكمة هي فعل ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي، على الوجه ينبغي ،ومن أوتي الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا.