البيوت التقليدية في السودان

إيـدينـّا للبلـد : البـيـوت : عبَق المَـكانْ :-

نحنُ السودانيين لنا نكهة خاصة في كل شئ حتي في شكل المباني والبيوت في القري والحلال والفُرقان والمُدن اول ما تنظر الي المنطقة تجد الحنين والشجن يملاء قلبك من عظمة المكان ورائحته السودانية التي تشرح القلب ويستريح لها البال بالرقم من البساطة في استعمال المواد المحلية المتوفرة بفعل الطبيعة في كل اريافنا وبوادينا إلا انها تجد منا الاستحسان والقبول الوجداني لا لشئ إلا انها تمثل الثقافة والفن المعماري الخاص الذي نتميز به والذي يعبر عن مكنوناتنا الثقافية والتوليفة البئية الخاصة بالمنطقة الجغرافية وذد علي ذلك ارتباط الانسان الوجداني بالارض ويعطونها قيمة اضافية اكثر القا وجمالا بالسماحة والبساطة والطيبة والحنية والقناعة بالقليل الموجود , وهنا يذداد الق المكان وعبقه في النفوس ولذلك نجد حتي الان يتم الاحتفاظ بالمباني القديمة وشكل الشوارع المعوجة والنفاجات التي بين الحيشان للتواصل الحميم

*والبُنيان القديم المُحبب والمتاح لدي عامة السودانيين كان هو الطين اللبن إذ يتم تخميره وعجنه وعركه بالايدي وعفصه بالارجل حتي يتماسك ويصبح عجينة واحدة متماسكة واحيانا يخلط معه القش ليساعد علي التماسك والمتانة ومن ثم يتم البناء به وطريقة بنا الطين تختلف من الطوب الاحمر إذ نجد ان الطين يبني في شكل اطواف متماسكة مع بعضها البعض والواحدة منها تسمي ( السريقة ) ولا يمكن بنا ء اكثر من سريقة في اليوم حتي تجف تماما ثم تبني السريقة الاخري وهكذا حتي يكتمل البناء سواء كان غرفة او حوش .

*وهذه المباني تمثل الماضي الجميل للاجداد وكان تمثل لهم السكن الآمِن الحنون ذو الحيشان الواسعة وكانت النفاجات بين الحيشان للتواصل بين الجيران والاهل والطاقات المفتوحة للتهوية في الغرف ,ويتكون البيت من الغرف والديوان والتُكُل الان اصبح المطبخ وايضا راكوبة العواسة وبيت الغنم وقفص الدجاج, واهم شئ كان الحوش يكون كبير وواسع ويتخلل المنزل اشجار الظل للمقيلة ونومت الضهرية .وفي الارياف والاقاليم يستعملون القش في البنيان لبناء القطية والراكوبة والصريف للحوش وبالاضافة الي ذلك السُويبة التي تحفظ فيها الذرة تكون في وسط الحوش مرفوعة بعيدان عمودية من الارض حفاظا علي المحصول من الافات .وفي شمال السودان يستعملون جريد النخل في السقف واعواده ويترك في اعلي المبني مفتوحا للتهوية ,وفي اقصي الشمال النوبي لهم مباني جميلة تعكس عظم الثقافة القديمة للنوبة بالبيوت المزركشة من الداخل والخارج للحوائط والابواب بالرسومات والالوان الجميلة تعبر عن الحضارة النوبية القديمة.

* وتجد عظمة المكان وعبقه في ام درمان القديمة بيوت الطين والشوارع والأزقّه والحيشان ذات الأُسر المُمتّدة والحياة البسيطة التي عاشوها تمثل قمة الفن العماري الذي يشبه صفات وملامح الشخصية السودانية في وُدهّا وتراحُمهّا وحبها للوطن وإذا سألت عن الملحمة الإنسانية الوطنية تجدها مجسدة في الحياة الامُدرمانيّة التي جمعت كافة اطياف الشعب السوداني من شتيّ نواحيه الجغرافية في بوتقة واحدة شكلة الوجدان الوطني السوداني , وإذدّشاد المكان وهجاً والقاً بفن البِناء الذي كان من التُراب والطيّن اصبح معلما بارزا للتاريخ والثقافة السودانية ,اينما توجهت ونظرة الي شكل البيوت والشوارع من الموردة وسوق الموردة وفريق قدح الدم الي البستة وحوش الارسالية وسوق امدرمان والقهاوي القديمة والشهدا وودنوباوي وفريق وددرووشارع الدومة وبيت المال وابوروف وسوق الشجرة والهجرة والدباغة والمسالمة والركابية والعرضة وبانت , هي تلك ام درمان عبق المكان التي ضمت في بطنها كل سحنات السودان من شماله وجنوبه وشرقه وغربه ووسطه ولذلك استحقت ان تكون هي النموذج للوحدة والتعايش والتصاهر لانهّا موطن الثورات الوطنية ورموزها من الجيل الوطني الفريد .

* ومن اجمل الأمكنه المُحببّه خاصتا لأهلنا في الريف والقري( المسِيد) هو المكان الذي يؤدون فيه الصلاة وتلاوة القران وخلوة الصبية الصغار لتحفيظ القران ومكان لإستقبال الوفود الزائرة وفي المساء يجلس الكبار يتناولون العشاء ويتجاذبون الحديث , والضيف عابر السبيل ينزل عنده ويستقبله اهل القرية بالكرم وحسن والضيافة , ويتم فيه تداول كل ما يتعلق بالشأن العام للقرية او الفريق , حقيقتا هو مكان له جماله في النفوس ووقعه .

*رحيقُ الامكنة يُـلّـوحُ لك بماضي تليد مزدهرا بالحركة ويعيد لك شريط الزكريات التي مضت وعظمة المكان هكذا يملاء القلب حبا للتراب والمكان ويذداد العشق له ولذا جاشت قرائح الشعراء وصدحت حناجر المُنشدين والمُغنين تعبيرا للاشجان والشجن العميق , كل ربوع بلادي لها ألقُها ووقعُها في النفوس تشتاق الي المكان عندما تكون بعيدا عنه ,وتسترخي له المشاعر وتلتهب عندما تكون فيه وتنظر الي روعته وتحدق النظر لتشبع ذاتك به , واا أسفاي واا أسفاي لو ما كنت سوداني وأهل الحارة ما اهلي .

* عشقُ الأمكنة وصل الي ان نُكنِيّ بعض المناطق بالكُنيّة المُحببه مثل ما يحلو لأهلها , كردفان الغرة ام خيرا جوا وبرا وعروس الرمال, والابيض القبة فحل الديوم , ودامر المجذوب , وعطبرة مدينة الحديد والنار ومحطة الوطن الكبير , الرهد ابو دكنة مسكين ما سكنه , الفاشر ابو زكريا وفاشر السلطان , ونيالا البحير , كادقلي عروس الجبال , وبورتسودان عروس البحر والقضارف قضارف الخير, والفولة الحِميرة شبيهة الخرطوم .كل هذا حبا في المكان وعشقا لترابها واهلها لما تكنه في النفوس .

* الحبُ علانّي وسماهُ ظلّانّي بريدو سُوداني الجّو وجدانّي بريدو , النيلُ ارواني وجري جوّ شرياني بريدو, , هذا هو جمال بلادي ورحيق عِطرة الأمكنة الفوّاحُ لنّا في النفوس فالتدم انت ايها الوطن .
وعلي الله قصد السبيل ..
علاءالدين الحلو

Related posts

الكوليرا حيث الماء سر الحياة وسر الموت

آلام مخفية

أمراض البنية التحتية

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...