البجــا

البجا اسم يطلق على القبائل التي تسكن مناطق ساحل كسلا و البحر الأحمر مروراً بمنطقة مثلث حلايب و جنوباً ما بين باضع (مصوع حالياً) و جزر دهلك إلى منطقة بركة في داخل الحدود الإرترية ، و من ثم الامتداد غربا إلى قلع النحل و القلابات و القضارف و البطانة ونهر عطبرة في السودان، وفي مصر يوجد أقلية بجاوية في محافظة البحر الأحمر و في محافظة أسوان، و قد عاشت قبائل البجا في هذه المناطق منذ 4000 قبل الميلاد أو قبل ذلك، و حسب الموسوعة البريطانية يبلغ عدد البجا حوالي 1.9 مليون في أوائل القرن الحادي والعشرين، وهم من أقدم الشعوب الأفريقية يعود نسلهم إلى كوش بن حام بن نوح. وقيل إلى سام بن نوح، وكانوا معاصرين فراعنة مصر وفي حروب دائمة معهم.


و يتحدث بعض أفراد هذه القبائل لغة كوشية (مصنفة ضمن اللغات الأفريقية الآسيوية) يسمونها البداويت و البعض يتكلم لغة تيجراي كما يتحدث الكثيرون اللغة العربية.
و اعتنق الكثيرون المسيحية في القرن السادس، لكن معظمهم أصبحوا مسلمين منذ القرن الثالث عشر، حسب ما تشير إليه الموسوعة البريطانية، ويفضل معظم البجا العيش بمعزل عن جيرانهم، ويقال إن العديد منهم غير مبالين بالتجارة والتحديث.
و يتنقل أفراد البجا بشكل أساسي، عبر مسافات شاسعة مع قطعانهم من الماشية والإبل التي يعيشون على منتجاتها بشكل كامل تقريبًا.

ظل البجا على امتداد تاريخهم الطويل في عزلة تامة غير خاضعين لأي سلطة مهما كان نوعها أو مصدرها، و بقوا مبعثرين في جبالهم و صحاريهم بعيدين كل البعد عن أي اتصال بالخارج محافظين بذلك على حريتهم و استقلالهم وغير عابئين أو مهتمين بما يجري حولهم. فهم لا يطلبون من هذا العالم أكثر من أن يتركهم وشأنهم. بل تزداد فرحتهم أثناء الحكومات الضعيفة.
إنهم يجلسون تحت ظلال أشجار السنط الشحيحة، يراقبون من على البعد حيواناتهم وهي ترعى وتسرح، و يساورهم شعور عميق بأنهم يمتلكون مساحات غير محدودة من الأرض مما يغنيهم عن العمل و الحوجة.

ذكر أندرو بول الآتي عن البجا:

و للتاريخ فإن بقاء البجه على هذه الهيئة يعتبر من الأمور التي تثير العجب. وقد يرجع ذلك لأسباب عدة منها قسوة الحياة في المنطقة التي يعيشون فيها، ولكن يرجع في المقام الأول إلى شخصيتهم المتميزة التي تطبعت لحياة بدوية حرة اقترنت بخشونة خالية من الحساسيات.

 

اختلفت أقوال المؤرخين في أصل البجا الذين تحدث عنهم بعض المؤرخين الكلاسيكيين كما أورد أخبارهم مؤرخو العرب وأخذ كل من هؤلاء المؤرخين يبحث عن أصل البجا وعن موطنهم الأول، كما أنهم وجدوا أن اسم البجا لم يكن هو الاسم السائد الذي أطلق على سكان بلاد البجا في كل العصور، بل إن هذا الاسم كان عرضة للتغيير بحسب تغير الأمم التي كان لها اتصال بالبجا و لكن تلك الأسماء لم تغيّر في حقيقة وضعهم كسكان لتلك المنطقة.
وقد اتفق كل من داود روبيني اليهودي والمسعودي على أنهم من أبناء كوش بن كنعان و بذلك أصبح البجه في رأيهما من الساميين الذين ترحلوا من بلاد العرب و أورد الدكتور جواد على نقلا عن استرابو أن العرب كانوا يسكنون إلى الطرف الثاني من الخليج العربي في البحر الأحمر ما بين مصر والحبشة على الساحل المسمى بسكان الكهوف تمييزاً لهم عن عرب الجزيرة العربية.

أما المؤرخ نعوم شقير فإنه لم يختلف كثيرا مع الرأي السابق إذ قال:

” إنه من الثابت المقطوع به والمؤيد بالقرائن التاريخية والطبيعية أنهما (أي البجا وشبه السود) من سلالة غير سلالة السود وأنهما من أقدم شعوب افريقيا بعد السود، و لم ينشأوا فيها بل هاجروا إليها من آسيا عن طريق مصر والبحر الأحمر من عهد بعيد”.

أما ملامحهم وعاداتهم وأخلاقهم فجميعها عربية و كل قول لا يعترف بأن أصل البجة من جزيرة العرب لا تسنده أي حقيقة.
وقد عرف قدماء المصريين البجة واتصلوا بهم وظهر في نقوشهم لفظ (البقة) وهو لفظ قريب جدا من البجة. أما جيرانهم من الجنوب الشرقي وهم سكان مملكة اكسوم فإنهم دوّنوا في آثارهم لفظة (بوقيته) على سكان بلاد البجى الذي نحن بصدده الآن وهو في حد ذاته لا يختلف كثيرا عن أضرابه من الألفاظ.

وتجد قبائل البجا عموما ذات عادت وتقاليد متقاربة ولباس متشابه إلى حد ما ونظام غناء ورقص متقارب، ويذكر أن في القديم قامت حروب عديدة بين قبائل البجا ولا يوجد في الوقت القريب أو العصر الحديث أي حرب و يوجد تزاوج كثير وتداخل كبير بين قبائل البجا.

قبيلتي البني عامر والهدندوة هما من أبرز قبائل البجا ويتحدثون الهدندوة بالبداويت و البنى عامر باللغة الجئعزية “التقرية” وهم قبائل غالبها رعاة و القلة منهم مزراعون و هذه القبائل تتمتاز بالشجاعة والفراسة حيث أن الهدندوة هم أول من ناصر الأمير عثمان دقنة في القتال ضد الأتراك والإنجليز.

كما أن البجة هي عدد من القبائل التي تمتاز بطريقة حكم وفق نظام الإدارة العشائري و تتكون من قبائل البنى عامر، والهدندوة، والبشاريين، و الحباب ، والحلنقة، والأمرأر، وهذه القبائل لها نظارات أي شيخ القبيلة له منصب يعرف بـالناظر، وبعض قبائل البجة لها عموديات مستقلة (ويعرف شيخها بمنصب العمدة) مثل الحدارب الأرتيقة والأشراف الكميلاب السيقولاب الملهتكتاب. وبعض هذه القبائل يتحدث بلغة التقريه أو التقرايت خاصة في الجنوب من أقليم البجة والبعض الآخر يتحدث بالبداويت خاصة في الشمال وجزء منها يتقن اللغتين أي في المنطقة الوسطى واللغة العربية مع التنويه احتواء لغتي التقرايت والبداويت لكثير من المفردات والكلمات العربية.

Related posts

إشكالية إدارة التنوع الثقافي في السودان

الديمقراطية للديمقراطيين

جرائم عبر القرون ج (10)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...