أساليب تنقية المياه ( الجزء الثالث)

السودان .. نيل و بئر و عطش

في قلب الصحراء القاحلة، حيث يلتقي الرمل بالسماء في مشهد لا نهاية له، و بالقرب من تلك الصحراء نهر عظيم يُدعى النيل، يُعد شريان الحياة لهذا البلد العتيق المسمى السودان . لكن الغريب في الأمر أن هذا النهر العظيم، الذي يعبر البلاد من شمالها إلى جنوبها، لا يزال عاجزًا عن إرواء عطش الأرض وسكانها.

كانت السماء تمطر أحيانًا، ولكن تلك الأمطار لا تدوم طويلاً، وبدلاً من أن تجلب الخلاص، كانت تتبخر سريعًا في حرارة الشمس الحارقة. أما النيل، فليس بمقدوره أن يروي كل الظمأ؛ مياهٌ جارية، غنية بالحياة في ضفافه، ولكنها تصبح عسيرة على الشرب في معظم الأماكن. لم يكن هذا البلد فقيرًا في المياه، ولكن كان هناك فقرٌ في الوصول إليها.

سكان المدن والقرى على حد سواء، يطوفون حول الآبار العميقة، يقلبون أكفهم في الهواء بحثًا عن حلول جديدة ليرووا بها ظمأهم. في كل زوايا الخرطوم، وفي قلب المدن النائية

 أن تستخلص الماء من البحر المالح، وتعيد الحياة للأرض العطشى، هي تقنية تفتح أبواب الأمل لأولئك الذين يظنون أن حلولهم قد نفدت. ربما سيكون ذلك كافيًا في هذا البلد الذي يعشق نهره ولكنه لا يستطيع أن يتناوله 

( تحلية المياه ) تكنولوجيا بسيطة قد تنقذ مستقبلًا مليئًا بالعطش

مقدمة

تحلية المياه هي عملية أساسية تهدف إلى إزالة الأملاح والمعادن والشوائب من المياه المالحة أو الجوفية لتحويلها إلى مياه صالحة للاستهلاك البشري أو الزراعي. في ظل التحديات البيئية مثل ندرة المياه وازدياد الطلب العالمي على الموارد المائية، أصبحت تحلية المياه خيارًا حيويًا لتأمين إمدادات المياه العذبة، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.
هناك عدة تقنيات لتحلية المياه تختلف في مبدأ عملها وكفاءتها وملاءمتها للظروف البيئية والاقتصادية. من بين هذه التقنيات، يبرز التناضح العكسي كأكثرها انتشارًا، حيث يعتمد على استخدام أغشية شبه نفاذة لفصل الأملاح. إلى جانب ذلك، تُستخدم تقنيات التبخير والتقطير التي تعتمد على تسخين المياه وتكثيف البخار لفصل الأملاح والشوائب.
لكل من هذه الطرق ميزاتها وتحدياتها، مما يجعل اختيار التقنية الأنسب يعتمد على الظروف المحلية، مثل نوعية المياه المالحة وتوافر الطاقة.
تحظى هذه التقنيات بدعم متزايد من الابتكارات التكنولوجية واستخدام مصادر الطاقة المتجددة، ما يجعلها أكثر استدامة وكفاءة في مواجهة أزمة المياه العالمية.
وفقًا لمصادر متعددة، يعتمد ما لا يقل عن 80% من سكان السودان على المياه الجوفية كمصدر رئيسي للشرب، بينما يعتمد الباقون على مصادر أخرى مثل مياه النيل. Fanack Water
تشير دراسة صادرة عن وزارة الري والموارد المائية إلى أن نسبة 80% من سكان السودان يعتمدون على المياه الجوفية للشرب، بينما يشكل استخدام مياه النيل حوالي 20% من احتياجات المياه. العربي
من ناحية أخرى، تشير تقارير أخرى إلى أن نسبة استخدام المياه الجوفية في ولاية الخرطوم تصل إلى 60%، بينما يشكل استخدام مياه النيل حوالي 40%. العربي
بالتالي، تختلف النسب المئوية لاستخدام المياه الجوفية ومياه النيل في السودان بناءً على المنطقة والمصدر المستخدم.
لهذا سنعرض اساليب تحلية مياه البحر و مياه الابار ومصدر كلمة ( تحلية ) هي تحويل الماء المالح الى ماء (حلو)  اي عذب يصلح للشرب

-==–==–=-==–==–==–========-=-=-=–==–=-=-=-===========-=-=—=–=–==–=-==

– تحلية مياه البحر:

تحلية مياه البحر هي عملية إزالة الأملاح والشوائب من المياه المالحة لجعلها صالحة للشرب أو الاستخدامات الأخرى. تشمل الطرق الرئيسية لتحلية مياه البحر ما يلي:

 

1. التناضح العكسي (Reverse Osmosis – RO):
  • تعتمد على استخدام أغشية شبه نفاذة تمرر المياه وتمنع الأملاح.
  • يتم ضخ المياه تحت ضغط عالٍ لدفعها عبر الأغشية.

  • المميزات:
    • فعالة في إزالة معظم الأملاح.
    • تكاليف تشغيل أقل مقارنة ببعض التقنيات الأخرى.
  • العيوب:
    • الحاجة إلى صيانة دورية للأغشية.
    • استهلاك كبير للطاقة.

محطة تحلية بالتناضح العكسي

—=-=–=-==–=-=-=—=-==-
2. التقطير الحراري (Thermal Distillation):
  • يتم غلي الماء المالح وتكثيف البخار للحصول على مياه نقية.
  • تشمل هذه الطريقة عدة أنواع:
    • التقطير الومضي متعدد المراحل (MSF): يتم تسخين المياه وتبخيرها على مراحل.
    • التقطير متعدد التأثيرات (MED): يعتمد على نقل الحرارة بين عدة تأثيرات لتوفير الطاقة.

محطة تحلية بالتقطير الحراري

  • المميزات:
    • مناسب للمياه ذات الملوحة العالية.
    • تقنية موثوقة ومجربة.
  • العيوب:
    • استهلاك كبير للطاقة.
    • تكاليف إنشائية وتشغيلية مرتفعة.

 

محطة تحلية بالتقطير الحراري

=–=-=—=-=-=-=-=-=-=–=-=–
3. التحلية باستخدام الكهرباء (Electrodialysis):
  • تعتمد على استخدام تيار كهربائي لإزالة الأيونات الموجبة والسالبة من المياه المالحة.

 

  • المميزات:
    • مناسب للمياه ذات الملوحة المتوسطة.
  • العيوب:
    • محدود الفاعلية مع المياه ذات الملوحة العالية مثل مياه البحر.

-==–==–=-==–==–==–========-=-=-=–==–=-=-=-===========-=-=—=–=–==–=-==

– تحلية مياه الآبار:

مياه الآبار تحتوي على نسبة أقل من الأملاح مقارنة بمياه البحر، ولكنها قد تحتوي على ملوثات مثل الحديد والمنغنيز والبكتيريا. الطرق المستخدمة لتحليتها تشمل:

 

1. التناضح العكسي (RO):

  • نفس التقنية المستخدمة لتحلية مياه البحر، ولكن تحتاج إلى ضغط أقل نظرًا لانخفاض ملوحة مياه الآبار.
  • أقل تكلفة مقارنة بالتناضح العكسي لمياه البحر.

محطة تحلية مياه الآبار

 

-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

 

2. التبادل الأيوني (Ion Exchange):

  • تعتمد على إزالة الأيونات الموجبة والسالبة باستخدام راتنجات خاصة.
  • فعالة في إزالة الملوثات مثل الحديد والكالسيوم.
  • تحتاج إلى صيانة دورية وإعادة شحن الراتنجات.

تبادل ايوني

-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=-=

 

3. الترشيح (Filtration):

  • يشمل استخدام مرشحات الرمل أو الكربون لإزالة الرواسب والشوائب.
  • أقل تكلفة وأبسط من حيث التشغيل، ولكنها ليست فعالة في إزالة الأملاح.

فلاتر مياه

-==–==–=-==–==–==–========-=-=-=–==–=-=-=-===========-=-=—=–=–==–=-==

الفرق بين تحلية مياه البحر ومياه الآبار في السودان:

1. درجة الملوحة:

  • مياه البحر تحتوي على نسبة ملوحة عالية جدًا (حوالي 35,000 جزء في المليون).

  • مياه الآبار تحتوي على ملوحة أقل (عادة أقل من 10,000 جزء في المليون).

2. التكلفة:

  • تحلية مياه البحر أكثر تكلفة بسبب الحاجة إلى ضغط عالٍ أو استهلاك كبير للطاقة في التقطير الحراري.

  • تحلية مياه الآبار أقل تكلفة لأنها تتطلب تقنيات أبسط.

3. الاحتياجات المحلية:

  • في السودان، تُستخدم مياه الآبار بشكل أساسي في المناطق الريفية، حيث تكون الملوحة والتلوث مشكلة شائعة.

  • تحلية مياه البحر تُستخدم في المناطق الساحلية أو في حالات النقص الشديد في مصادر المياه العذبة.

4. التقنيات المستخدمة:

  • في السودان، تركز تحلية مياه الآبار على تقنيات الترشيح والتناضح العكسي بطاقة أقل.
  • تحلية مياه البحر تتطلب تقنيات أكثر تطورًا، مثل التناضح العكسي عالي الضغط أو التقطير الحراري.
5. تأثير البيئة:
  • التخلص من المحلول الملحي الناتج عن تحلية مياه البحر يشكل تحديًا بيئيًا.
  • تأثير تحلية مياه الآبار على البيئة أقل ضررا .

-==–==–=-==–==–==–========-=-=-=–==–=-=-=-===========-=-=—=–=–==–=-==

مقارنة بين التناضح العكسي (RO) والتقطير (Distillation)

العنصر

التناضح العكسي (RO)

التقطير (Distillation)

التعريف

عملية تحلية تعتمد على دفع المياه عبر غشاء شبه نفاذ لفصل الأملاح والشوائب.

عملية تحلية تعتمد على تسخين المياه لتبخيرها ثم تكثيف البخار لفصل الأملاح والشوائب.

الإنتاجية

عالي الكفاءة في إنتاج المياه العذبة، مع قدرة على تحلية كميات كبيرة من المياه بشكل مستمر.

يمكن أن تكون الإنتاجية منخفضة في الأنظمة التقليدية، لكنها قد تكون أعلى في الأنظمة الكبيرة.

المميزات

– قدرة عالية على إزالة الأملاح والشوائب.

– أقل تكلفة طاقة مقارنة بالتقطير.

– مناسب للمياه المالحة والمياه الجوفية.

– إنتاج مياه نقية للغاية.

– مناسب للمياه الملوثة بالملوثات الثقيلة والمواد العضوية.

– لا يتطلب أغشية تصفية مثل التناضح العكسي.

العيوب

– الحاجة إلى صيانة دورية للأغشية.

– يتطلب طاقة كهربائية لعملية الضخ.

– قد يسبب تراكم الملح في المحطة.

– استهلاك عالي للطاقة مقارنة بالتقنيات الأخرى.

– عملية بطيئة نسبياً.

– يحتاج إلى معالجة مستمرة للحرارة والتكثيف.

التكلفة

– أقل تكلفة للطاقة مقارنة بالتقطير.

– تكاليف صيانة منخفضة نسبياً.

– تكلفة طاقة عالية، مما يجعل التشغيل أكثر تكلفة.

– تكلفة رأس المال الأولية قد تكون مرتفعة بسبب البنية التحتية.

مصادر الطاقة المستخدمة

– كهرباء، وقد يمكن تشغيله بالطاقة الشمسية أو الطاقة المتجددة في بعض التطبيقات.

– كهرباء (قد تكون الغاز الطبيعي أو الطاقة الشمسية خيارًا في بعض الأنظمة).

سهولة الصيانة

– صيانة دورية للأغشية والأنابيب، ولكنها سهلة نسبياً.

– يحتاج إلى تنظيف الفلاتر بشكل دوري.

– صيانة عالية التكلفة بسبب أنظمة الحرارة والتكثيف.

– يحتاج إلى صيانة مستمرة للتأكد من فعالية الغليان والتكثيف.

تكاليف التشغيل

– منخفضة بشكل عام، حيث أن استهلاك الطاقة ليس مرتفعًا.

– التكلفة التشغيلية تعتمد على حجم المحطة وموارد الطاقة المتاحة.

– عالية بسبب الحاجة إلى طاقة حرارية كبيرة.

– تكاليف التشغيل تزيد بزيادة حجم المياه المُعالجة.


وبالتالي : 

  • التناضح العكسي يعد الخيار الأكثر كفاءة من حيث التكلفة والطاقة في معظم الحالات، خاصةً عند الحاجة إلى معالجة كميات كبيرة من المياه المالحة أو الجوفية. وهو أيضًا أكثر مرونة في تشغيله باستخدام مصادر طاقة متجددة مثل الطاقة الشمسية.

  • التقطير هو الأفضل عندما تكون المياه الملوثة تحتوي على ملوثات ثقيلة أو مواد عضوية قد لا تتم معالجتها بشكل فعال باستخدام التناضح العكسي. ومع ذلك، فإن التقطير يتطلب طاقة كبيرة وتكاليف تشغيلية مرتفعة، مما قد يجعله أقل جدوى من الناحية الاقتصادية في العديد من السياقات.

-==–==–=-==–==–==–========-=-=-=–==–=-=-=-===========-=-=—=–=–==–=-==

 

خطة لتوزيع المحطات في السودان

مبنية على مناسبة المكان للتقنية و الموارد المائية المتاحة 

1- المناطق الساحلية (بورتسودان، سواكن):

      • استخدام تقنية التناضح العكسي لمعالجة مياه البحر.

      • إمكانية دمج التقطير إذا توفرت مصادر طاقة منخفضة التكلفة.

2- المناطق الداخلية ذات الآبار المالحة (الولاية الشمالية، كردفان):

      • الاعتماد على التناضح العكسي لتحلية المياه الجوفية ذات الملوحة المتوسطة.

      • تعزيز استخدام الطاقة الشمسية لتشغيل المحطات في المناطق النائية.

3- المناطق الصناعية (الخرطوم، عطبرة):

      • إنشاء محطات تحلية بالتناضح العكسي لتوفير المياه للقطاعات الصناعية والزراعية.

      • دمج التحلية مع التقطير لإنتاج المياه للاستخدام الصناعي والمنزلي إذا لزم الأمر.

4- المناطق الصحراوية (شمال دارفور، غرب كردفان):

      • إنشاء محطات تعتمد على الطاقة الشمسية لتشغيل التناضح العكسي.

 

-=-=-=-=-=-=-==–=-=-=-==–=-=

تم بحمد لله الانتهاء من اساليب تنقية المياه وهذا الجزء الثالث من هذه السلسة 

الاجزاء السابقة:

الاول                و             الثاني 

 

المقال القادم … (  هل كانت معظم  الحروب الاهلية السابقة في السودان .. حروبا على المياه ؟؟ ) 

Related posts

من الأرض إلى النجوم

العلاج بالطب البديل

جمال الرياضيات الكونية

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. أقرا المزيد...