آلام مخفية

من فقدان المنازل إلى دمار سبل العيش، تواجه الأسر السودانية تحديات لا تُحصى عند وقوع الكوارث الطبيعية. الأطفال الذين يستيقظون ليجدوا حقول أسرهم وقد جرفتها المياه، والنساء اللاتي يُجبرن على ترك أراضيهن بسبب الجفاف، وكبار السن الذين يرون ما بنوه طوال حياتهم ينهار أمام أعينهم. كل هؤلاء يحملون أثقالًا نفسية

القلق من المستقبل أصبح مرافقاً يومياً للكثيرين، والخوف من أن تتكرر هذه الكوارث يجعلهم يعيشون في حالة دائمة من التوتر. وفي المناطق الريفية، حيث يعتمد الناس بشكل مباشر على الزراعة وتربية الماشية، تتحوّل  هذه الضغوط النفسية إلى أزمات حقيقية عندما تنقطع مصادر الرزق فجأة

 

تُظهر الكوارث البيئية جانبها الأكثر قسوة على الفئات الهشّة. الأطفال، الذين لم تتشكل لديهم بعد أدوات للتكيف مع الصدمات، يُعانون من مشكلات مثل الكوابيس، فقدان الشهية، وصعوبة التركيز. النساء، خاصة في المناطق الريفية، يحملن العبء الأكبر في محاولة إعادة بناء حياتهن وحياة أسرهن. أما كبار السن، فإن فقدان الإستقرار يجعلهم عرضة للانعزال والإكتئاب

 

 

في مواجهة هذه الجراح النفسية، يبرز دور المجتمع والدعم النفسي كعوامل أساسية للتعافي. لا يمكن للمساعدات الإنسانية أن تقتصر على توفير الغذاء والمأوى فقط؛ هناك حاجة ماسّة إلى إنشاء برامج دعم نفسي تُعالج الأثر العميق للكوارث البيئية

–يمكن أن تلعب الجلسات الجماعية والمبادرات المجتمعية دورًا هامًا في مساعدة المتضررين على التحدث ومشاركة تجاربهم، مما يخفف من وطأة الصدمات.

– يجب على الحكومة والمنظمات الإنسانية إنشاء مراكز تقدم خدمات الدعم النفسي في المناطق المتأثرة

تعزيز ثقافة الحديث عن المشاكل النفسية وتقديم الإرشاد حول كيفية التعامل مع الأزمات

 

 

لا يمكن إنكار أن الكوارث البيئية في السودان قد خلّفت ندوباً نفسية يصعب إلتئامها، لكن هذا الشعب أظهر دائماً شجاعة في مواجهة التحديات. قد تكون آثار الفيضانات والسيول واضحة على الأرض، ولكن آثارها النفسية تحتاج إلى نظرة أعمق وإرادة أكبر للمعالجة

الأمل يكمن في قدرة الإنسان على النهوض، وفي قوة المجتمعات التي تدعم بعضها. السودان، الذي لطالما صمد أمام كل ما واجهه، قادرٌ على تضميد جراحه، جسدياً ونفسياً، ليبدأ فجراً جديداً يحمل في طياته أملاً ومقاومة لا تنكسر